Responsabilité de l’État : Partage de responsabilité en cas de dommages résultant de troubles à l’ordre public (Cass. adm. 2000)

Réf : 18607

Identification

Réf

18607

Juridiction

Cour de cassation

Pays/Ville

Maroc/Rabat

N° de décision

843

Date de décision

25/05/2000

N° de dossier

920/5/1/96

Type de décision

Arrêt

Chambre

Administrative

Abstract

Base légale

Article(s) : 7 - 8 - Loi n° 41-90 instituant des tribunaux administratifs
Article(s) : 79 - 95 - 404 - Dahir du 12 septembre 1913 formant Code des obligations et des contrats (D.O.C)

Source

Revue : مجلة القصر | N° : 16

Résumé en français

La Cour Suprême a examiné la responsabilité de l’État suite aux dommages subis par une entreprise lors des troubles à l’ordre public survenus à Fès le 14 décembre 1990. La juridiction de première instance avait reconnu la responsabilité de l’État en se basant sur l’article 79 du Code des obligations et des contrats (DOC), soulignant un manquement grave du service de sécurité en termes de rapidité d’intervention et de moyens.

La Cour Suprême a confirmé la compétence des tribunaux administratifs pour de telles affaires, conformément à l’article 8 de la loi n° 41-90. Elle a cependant apporté une nuance importante à la décision initiale. Bien qu’elle ait reconnu une faute de service de l’État due à une action insuffisante des forces de l’ordre face à l’ampleur des désordres, elle a également relevé un défaut de précaution de la part de l’entreprise victime. Compte tenu du préavis de grève et du contexte social tendu, la société aurait dû prendre des mesures préventives pour protéger ses biens.

En conséquence, la Cour Suprême a statué sur une responsabilité partagée, imputant les deux tiers des dommages à l’État et le tiers restant à l’entreprise. Cette décision illustre la jurisprudence marocaine qui, face à des événements exceptionnels, peut répartir la charge des dommages entre l’administration défaillante et la victime n’ayant pas fait preuve de toute la diligence requise.

Résumé en arabe

المشروع و ان الزم المحكام الإدارية بالبت في الدفع بعدم الاختصاص النوعي بحكم مستقل، فانه لم يترتب بالمقابل أي جزاء على الإخلال بهذا الإجراء الجوهري، ما دام المجلس الأعلى سيقول كلمته عندما يطعن أمامه في الحكم البات في الموضوع كما هو الأمر في النازلة.
النشاط الذي تقوم به الدولة او الشخص العام التابع لها قد يكون إيجابيا او سلبيا.
مرفق الأمن يعتبر من المرافق التابعة للدولة و التي تكون مسؤولة بالذات عنه و عن الأخطاء المرفقية المرتكبة من طرف المسؤول عنه، و توجه دعوى التعويض ضد الدولة لا ضد المسؤول عن الأمن.
المطالبة بدرهم مؤقت كتعويض الى حين التأكد من حجم الخسائر و قيمة التعويضات المستحقة، لا بنفي عن النزاع طابع طلب التعويض عن الأضرار.

Texte intégral

القرار عدد 843، الصادر بتاريخ 25/05/2000، في الملف الإداري عدد 920/5/1/96
باسم جلالة الملك
و بعد المداولة طبقا للقانون
في الشكل: حيث ان الاستئناف المصرح به بتاريخ 4 سبتمبر 1996 من طرف الوكيل القضائي للمملكة، بصفته هذه و نائبا عن الدولة المغربية في شخص الوزير الاول، و عن وزير المالية و وزير الدولة في الداخلية ضد الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية بفاس بتاريخ 19 يونيو 1996 في الملف 23/94 مقبول لتوفره على الشروط المتطلبة قانونا.
و في الجوهر: حيث يؤخذ من أوراق الملف و من محتوى الحكم المستأنف المشار اليه، انه بناء على مقال مسجل بتاريخ 24/6/94 عرضت شركة اوماميل شركة مجهولة الاسم في شخص رئيسها و أعضاء مجلسها الإداري، أنها أنشأت منذ سنة 1983 أساسا برأسمال اقترضته من البنك الوطني للإنماء الاقتصادي، و الذي يبلغ ما يزيد عن خمسة ملايين درهما، و أنها منذ انطلاقها عملت على تشغيل عد من العمال يقارب الخمسين عاملا و موظفا و أنها مؤمنة ضد الحريق  الانفجار لدى شركة التامين الإفريقية، و أنها فوجئت على غرار جميع المؤسسات الصناعية بالأحداث المؤسفة التي وقعت بتاريخ 14/12/1990 و ان الحريق اتى على جميع منشاتها و معداتها و أجهزتها الإدارية و الصناعية، و أنها بادرت الى مراسلة السلطات المحلية و الوطنية و شركة التامين، الا ان هذه الأخيرة رفضت الضمان متذرعة بكونها لا تؤمن الأخطار المترتبة عن المظاهرات.
و ان العارضة عملت على استصدار أحكام استعجالية بإجراء خبرة قضائية قام بها الخبيران محمد بناني و عبد الالاه السعداني التابعان للدائرة القضائية بفاس، و مع ذلك فإنها لا تزال مطالبة من عدة إدارات و خصوصا إدارة الضرائب و إدارة الضرائب الجمارك، رغم حالة التوقف النهائي التي توجد عليها ة اعتبار الأحداث المذكورة التي وقعت بتاريخ 14/12/90 ، و مهما كان التأويل القانوني لهذه الأحداث، فان الدولة المغربية هي المسؤولة الأولى عن أمن المواطنين أشخاصا ذاتيين او معنويين او مؤسسات، و لذلك التمست المدعية التصريح بمسؤولية الدولة عن كل ما حصل للمدعية من أضرار اثر الأحداث المشار إليها و الحكم عليها بأدائها لفائدتها درهما مؤقتا، و حفظ حقها في مطالبة الدولة المغربية بالتعويض الكامل و النهائي حالما تتجمع لها كل العناصر و المعطيات الكفيلة بتحديد التعويض المذكور عن كل الخسائر المادية و المعنوية.
و قد أرفقت المدعية مقالها بصورة من تقرير الخبيرين المذكورين و صورة من عقد التامين و ملحقاته و صورة من جواب شركة التامين و صورة من الرسالة الموجهة الى السيد الوزير الاول، و جاء في المذكرة الجوابية للعون القضائي بتاريخ 10/8/94 بعد تمسكه بعدم الاختصاص النوعي للمحكمة الادارية، بان الدعوى غير مقبولة شكلا و لا ترتكز على أساس موضوعا، فمن حيث الشكل لم تدل المدعية من جهة بأية حجة على العلاقة السببية بين الأحداث و الحريق، و ان تقرير الخبرة اكتفى بتقديم الأضرار التي لحقت بمعامل المدعية، و من جهة أخرى فان المدعية اكتفت بطلب الحكم لها بدرهم مؤقت في انتظار ان تتجمع لديها مكونات و مبالغ الخسائر المادية و المعنوية، دون ان توضح الكيفية التي ينم بها ذلك و دون ان تطلب من المحكمة التكفل بتقديم الضرر عن طريق إجراء خبرة قضائية أخرى، و دون ان تطلب الحكم لها بالمبالغ المحددة في تقريري الخبرة المحتج بها، تفاديا لاداء الرسوم القضائية المستحقة عن هذه المبالغ، و انه يتضح من ذلك ان الطلب قدم للقضاء قبل ان تكتمل عناصره، أي امه سابق لأوانه إضافة الى انه غير محدد و مشوب بالغموض، و لا يمكن للمحكمة ان تفصل فيه على الحالة التي قدم عليها.
و في الموضوع لاحظ العون القضائي انه على فرض ان هناك علاقة سببية بين الأضرار التي لحقت بالمدعية و معاملها، و أحداث 14/12/90 فان ذلك ات يترتب عنه بالضرورة مسؤولية الدولة، لان كل الأشخاص المسؤولين عن كل الأضرار الناجمة عن أحداث فاس قد تم ضبطهم، و تمت محاكمتهم و أدينوا من اجل ما قاموا به و قد كان على المدعية ان تقاضي هؤلاء الأشخاص لان خطا الغير يعفي الدولة من كل مسؤولية عن الضرر الناتج عن هذا الخطا، و ان قيام مسؤولية الدولة في ميدان حفظ النظام العام بناء على الفصل 79 من قانون الالتزامات و العقود رهين بثبوت خطا جسيم في جانب الدولة، و ان المدعية لم تثبت توافر هذا الخطا الجسيم في جانب العارضة، و احتياطيا و على فرض تصور المستحيل من خلال اعتبار الدولة محتملة لجزء من المسؤولية، فان ذلك لا يبرر مطالبتها بالأداء و طلب التنفيذ المعجل.
ففيما يرجع للتعويض عن لضرر الناتج عن الحريق الذي لحق بمعامل المدعية فانه سيؤدي تنفيذا لعقد التامين الذي يربط الشركة المدعية بشركة التامين الوفاق، و ان المدعية لم تدل بأنها استنفذت جميع الطرق الحبية و القضائية مع شركة التامين الإفريقية مقتصرة على الإدلاء بكتاب برفض الأداء من طرف الشركة المؤمنة.
و فيما يخص الأداء المعجل فان الاجتهاد القضائي قد استقر على عدم جواز الاستجابة له في مواجهة الدولة.
و بعد المناقشة و تبادل المذكرات و المستنتجات بين الأطراف.
لاحظت المحكمة الإدارية بخصوص الدفع بعدم الاختصاص النوعي ان الاختصاص بالنظر في الدعوى الحالية، مؤسس على مسؤولية مرفق الأمن، و بالتالي مسؤولية الدولة في تسيير هذا المرفق او الأخطاء المصلحة لمستخدميه، لذلك يبقى الاختصاص منعقدا للمحكمة الإدارية بصرف النظر عن ثبوت المسؤولية الجنائية في حق الأشخاص الذاتيين و المدانين من طرف القضاء الجنائي عن الأفعال المرتكبة من طرفهم، و ان المشرع عندما منح الاختصاص للمحاكم الإدارية للنظر في دعاوى التعويض عن أعمال و نشاطات أشخاص القانون العام بمقتضى المادة الثامنة من قانون 90-41 فانه لم يشترط ان يكون التعويض المطلوب كليا و نهائيا، و بالتالي فان مجرد مبدا التعويض عن أعمال
و نشاطات أشخاص القانون العام يستقيم مع الاختصاص للمحكمة الإدارية.
و فيما يرجع للموضوع لاحظت المحكمة الإدارية ان الفصل 79 من قانون الالتزامات و العقود، قد ميز بين حالتين أولاهما تتعلق  بمسؤولية الدولة عن الأضرار الناتجة عن تسيير مرافقها، و هي نظرية تقوم على فكرة المخاطر و ثانيهما مسؤولية الدولة عن الأخطاء المهنية التي يرتكبها مستخدموها و هي مسؤولية تقوم على الخطا المرفقي، و انه  عندما يتعلق الأمر بالمحافظة على الأمن و النظام العام الموكول لمرفق الأمن، فان دعوى المسؤولية تناقش في نطاق الخطا المصلحي، ذلك ان مهمة مرفق الامن تتمثل في حماية النظام العام بمدلاولاته الثلاثة و هي الأمن و السكينة و الصحة العامة، و لذلك فان هذا المرفق لا يسال إلا عن خطا على درجة كبيرة من الجسامة مع تقدير ظروف الزمان
و المكان، و قد استخلصت المحكمة الإدارية من محضر الضابطة القضائية ان قوات الأمن كانت على علم تام بالإضراب المقرر ليوم 14/12/90 و ان عدة تدابير أمنية قد اتخذت من طرف السلطات المختصة ، إلا انه لم ترد أية إشارة الى حجم هذه التدابير و الحالة انه كان من المتوقع حدوث اضطرابات و قلائل سيما في المنطقة التي توجد بها معمل المدعية، و مع ذلك فان قوات الأمن قد تأخرت في التدخل في الوقت المناسب للحد من قوة المظاهرات و التجمعات و أعمال الشغب و النهب و السرقة و إضرام النار، و ان هذه القوات و ان تدخلت إلا ان تدخلها جاء بعد فوات الأوان.
و من جهة أخرى، فقد استخلصت المحكمة الإدارية من تقرير لجنة البحث و التقصي البرلمانية، انه من بين الأسباب التي أدت الى تفاقم حجم الأضرار، عدم توفر قوات الأمن على التجهيزات  و الوسائل الحديثة مثل قاذفات المياه و القبعات و الذروع الواقية و السيارات الخفيفة المصفحة و الرصاص المطاطي، و غير ذلك من الأشياء التي تستعمل لمحاربة التجمهر و أعمال الشغب، و التي تؤدي في الغالب الى تفرقة المتظاهرين و الحيلولة دون تطور الأمور، و قد استنتجت المحكمة من ذلك كله ان مرفق الأمن قد ارتكب خطا على درجة كبيرة من الجسامة حين تباطأ في أداء الخدمة الملقاة على عاتقه.
و على صعيد الأضرار اللاحقة بالمدعية و علاقة السببية بين الخطا المرفقي و هذه الأضرار، لاحظت المحكمة الإدارية ان عدة ممتلكات تابعة للشركة المدعية قد تعرضت للنهب و الإحراق و ان ما قام به مستخدموا الشركة لا علاقة له البت بإحداث الشغب الكبيرة المشار إليها.
و ان خطا هذا المرفق تنج عنه فسخ المجال للمتظاهرين للقيام لاعمال النهب و السرقة و التخريب التي طالت معمل المدعية، مما يكون معه الخطا المذكور هو السبب المباشر في الأضرار المذكورة، و على صعيد الضمان فان شركة التامين التي أدخلت في الدعوى لا تؤمن الحريق الناتج مباشرة من الاضطرابات او الهيجانات الشعبية، مما يكون معه إدخالها خارجا عن نطاق عقد التامين، و تبعا لكل ما تقدم قضت المحكمة الإدارية بتحميل الدولة المغربية في شخص الوزير الأول، مسؤولية الأضرار اللاحقة بالمدعية شركة اوماميل من جراء الأحداث التي وقعت بتاريخ 14/12/90 بالحي الصناعي بنسودة فاس، و الحكم لفائدتها في شخص ممثلها القانوني بذرهم مؤقت تؤديه لدولة المغربية، و برفض طلب الإدخال مع إخراج شركة التامين الأفريقية و الأشخاص الآخرين المدخلين في الدعوى، فاستأنف الحكم المذكور الوكيل القضائي للمملكة.
و حيث جدد التمسك في مقال استئنافه بالدفع بعدم الاختصاص النوعي للمحكمة الإدارية للبت في الطلب معيبا على الحكم، خرق مقتضيات الفصل 13 من قانون 90-41 و الفصل 8 من نفس القانون الذي يحدد الاختصاص النوعي للمحاكم الإدارية.
كما عاب على الحكم المذكور خرقه لمقتضيات الفصل 515 من قانون المسطرة المدنية على اعتبار ان الدعوى كان يجب توجهها ضد عامل عمالة إقليم فاس المسؤول الأول عن الأمن في المدينة المذكورة.
و من جهة أخرى فقد تمسك الوكيل القضائي بخرق مقتضيات الحكم  المطعون فيه للفصل 345 من قانون المسطرة المدنية بسبب عدم الإشارة الى تلاوة تقرير المقرر او إعفاءه من هذه التلاوة، و يكون طلب المدعية غير محددة على اعتبار انه إذا كان الفصل 8 من قانون 90-41 قد أعطى للمحاكم الإدارية اختصاص النظر في دعاوى التعويض، فان ذلك لا يهاتي إلا بتحديده و في خصوص وسائل الإثبات، فقد عاب المستأنف على الحكم المذكور ارتكازه على محضر رجال الدرك و تقرير لجنة التقصي و البحث البرلمانية، و الحالة ان الوثائق المذكورة غير صالحة لاقرار مسؤولية الدولة، لان الفصل 404 من قانون الالتزامات و العقود قد حدد وسائل الإثبات على سبيل الحصر  ليس من بينها تلك الوسائل.
ان المحكمة الإدارية أخطأت عندما نسبت الى الدولة المسؤولية بسبب ان السلطات المختصة لم تطلع القضاء على الإمكانيات التي رصدتها لردع أحداث 14/12/90 بحيث لم تدل بالوثائق المثيتة لذلك ، و التي تتوفر عليها وحدها و يتعذر الاطلاع عليها من مكان آخر إلا من خلالها و الحالة بأنه كان على القاضي المقرر ان يسلك كل الإجراءات المقررة قانونا لطلب الوثائق الضرورية، كما ان المحكمة أخطأت كذلك عندما أخرجت الأشخاص المدانين جنائيا و شركة التامين من الدعوى دون تعليل مقنع، و الحالة ان ما حدث سببه الجرائم المرتكبة من الأشخاص المحكوم عليهم و لم يكن هو تأخر الدولة في التدخل، بل ان قوات الأمن تدخلت على عكس ما ورد في الحكم في ظروف الزمان و المكان المناسبين، و انه من خلال قراءة محضر الدرك المستبدل به، يتضح ان الأحداث وقعت و قوات الأمن حاضرة في كل وقت و حين و ان تدخلها كان في اللحظة المعينة و الدقيقة.
و من جهة أخرى فان مدير معمل اوماميل قد صرح انه خلال يوم 14/12/1990 لم تضرم النار إلا بسيارته من نوع مرسيدس او إدارة العمل، دون ان يوضح هل استعمل أدوات إطفاء الحريق التي يتوفر عليها، و هل التخريب قام به العمال او أشخاص آخرون مؤكدا ان النيران لم تضرم بالمعمل إلا يوم 15/12/90 ، مما يؤكد ان إضرام النار قد وقع بعد استثباب الأمن.
و حيث أكد المستأنف انه في جميع الأحوال فان مسؤولية الدولة تعتبر غير واردة، لكون الأحداث شكلت حادثا جنائيا و قوة قاهرة بالنسبة لها لان الذي وقع بمدينة فاس و بباقي المدن الأخرى لا علاقة له بالإضراب و المضربين، و لم يكن التنبؤ به و بمكان حدوثه كما يستحيل دفعه مرة واحدة و في كل أنحاء البلاد.
و هذه العناصر كلها تعفي الدولة من المسؤولية، ان كان لها محل طبقا لمقتضيات الفصل 95 من قانون الالتزامات و العقود.
و حيث تمسكت المستأنف عليها بدفوعها و وسائلها المفصلة أمام المحكمة الإدارية.
و بعد المداولة طبقا للقانون
فيما يخص الدفوع الشكلية المثارة من طرف المستأنف:
أولا: فيما يرجع للدفع بعد الاختصاص النوعي:
حيث انه من الواضح ان المشرع و ان الزم المحاكم الإدارية بالبث في الدفع بعدم الاختصاص النوعي بحكم مستقل، فانه لم يرتب بالمقابل أي جزاء على الإخلال بهذا الإجراء الجوهري، ما دام المجلس الأعلى سيقول كلمته عندما يطعن أمامه في الحكم البات في الموضوع كما هو الأمر في النازلة.
و حيث ان قانون 90/41 في الفصل الثامن قد أعطى للمحاكم الإدارية، الاختصاص للبت في طلب التعويض عن الأضرار الناتجة عن نشاط من نشاطات أشخاص القانون العام.
و حيث ان هذا النشاط كما فسرته الغرفة الإدارية في عدة اجتهادات متواثرة ، قد يكون نشاطا إيجابيا عندما تقوم الدولة او الشخص لعام التابع لها بتصرفات تلحق الضرر بمركز المدعي، كما هو الأمر بالنسبة للاعتداء المادي الممارس على أراضى الخواص.
كما ان هذا النشاط قد يكون سلبيا كما إذا امتنعت الإدارة من القيام بإجراءات معينة، كان من المفروض ان تقوم بها و أدى موقفها السلبي الى الأضرار بمصالح لغير، و هو ما تنسبه المستأنف عليها للدولة من خلال امتناعها من اتخاذ الإجراءات الواجبة في الوقت المناسب لقمع المظاهرات و أعمال الشغب التي عرفتها مدينة فاس يوم 14/12/90 ، مما أدى الى تخريب و حرق معامل
و مؤسسات كثيرة يملكها الخواص.
و بذلك فان الدفع بعدم الاختصاص لا يرتكز على أساس، ما دام المجلس الأعلى قد عوض العلل المستنفدة في الحكم المستأنف بالعلل القانونية الصحيحة.
ثاني: و فيما يخص الدفع بخرق الحكم المطعون فيه لمقتضيات الفصل 515 من قانون المسطرة المدنية بسبب ان الدعوى كان يجب توجيهها ضد عامل عمالة إقليم فاس المسؤول الأول عن الأمن في المدينة المذكورة، فانه من المعلوم ان مرفق الأمن يعتبر من المرافق التابعة للدولة و التي تكون مسؤولة بالذات عنه و عن الأخطاء المرفقية المرتكبة من طرف المسؤول عنه، و حيث انه و ان كان عامل إقليم فاس هو المسؤول عن حفظ الأمن و النظام بهذه المدينة، فان ذلك لا يعني انه يتحمل تبعات الأضرار الناتجة عن الإخلال بسير هذا المرفق و ان المسؤول الأول و الأخير هي الدولة التي تتبعها كل المرافق، بما في ذلك مرفق الأمن الشيء الذي يعين ان توجه الدعوى ضد الدولة في شخص الوزير الأول، كان توجيها قانونيا و لا يخرق بين شيء مقتضيات الفصل 515 من قانون المسطرة المدنية المستدل به.
ثالثا: و فيما يخص الدفع المتعلق بعدم الإشارة الى تلاوة تقرير المقرر او عدم تلاوته، فان الفصل المذكور لا يطبق أمام المحاكم الإدارية و لكنه يجد محال تطبيقه أمام محاكم الاستئناف، مما يكون معه الدفع المذكور غير مقبول..
و فيما يخص الأسباب الموضوعة للاستئناف:
حيث يعيب المستناف على الحكم المستأنف عدم ارتكازه على أساس، حينما استبعد دفعه القائم على ان طلب المدعية المستأنف عليها غير محدد، و التمس تبعا لذلك التصريح برفضه على اعتبار انه إذا كان الفصل 8 من قانون 90-41 أعطى للمحاكم الإدارية اختصاص النظر في دعاوى التعويض، فان ذلك لا يتأتى إلا بتحديده من طرف المدعية و يجب ألا يقتصر طلبها على التصريح بمسؤولية الدولة فقط.
و حيث يعيب من جهة أخرى على الحكم المذكور عدم الجواب عن دفوع لها تأثير على البت في النزاع، ذلك انه تمسك في مذكرته المؤرخة في 27 مارس 1995 بان محضر الضابطة القضائية،
و تقرير لجنة البحث  التقصي المنبثقة عن مجلس  النواب لا يعتبران من وسائل الإثبات، حتى يمكن الأخذ بهما مستدلا بمقتضيات الفصل 404 من قانون الالتزامات و العقود الذي حدد وسائل لاثبات، كما ان العارض دفع بان الوثيقتين المشار إليهما لا تشكلان حجة قانونية لاثبات مسؤولية الدولة عن الأضرار المدعى بها، و عن وجود علاقة سببية  بين الأضرار المشتكى منها و أحداث 14/12/90 فضلا عن ان الحكم المستأنف، خرق مقتضيات الفصل 334 من قانون المسطرة المدنية المحال عليه بمقتضى الفصل 7 من قانون 90/41 ، ذلك ان المحكمة اعتبرت ان الإدارة لم تطلعهم على إمكانياتها التي رصدتها لردع أحداث 14/12/1990 ، بحيث لم تدل بالوثائق المثبتة لذلك و التي تتوفر عليها وحدها و يتعذر الاطلاع عليها في مكان آخر إلا من خلالها، و الحالة ان العارض أوضح بكل تفصيل الإجراءات التي اتخذتها الإدارة و الوسائل التي اعتمدتها أثناء إضرابات 14/12/1990 ، و هذا كاف لتكوين قناعة القاضي.
كما ان العارض تمسك بوجوب إدخال شركة التامين الإفريقية في الدعوى باعتبارها مؤمنة، و ذلك بإحلالها محل المؤمن لها كما تمسك بإدخال المسؤولين عن الأحداث المذكورة الذين ضبطوا و أدينوا باعتبارهم المسؤولين المباشرين عما لحق بالمعنية بالأمر من أضرار، إلا ان المحكمة أخرجتهم من الدعوى بدون مبرر مقبول.
و في خصوص تحميل الدولة مسؤولية الأحداث، فقد أكدت المحكمة المطعون في حكمها انه عندما يتعلق الأمر بالمحافظة على الأمن و النظام العام الموكول الى مرفق الأمن، فان نظرية المسؤولية عن الأضرار الناتجة عن تسيير المرفق، تختفي تماما و لا مناص في مناقشة دعوى المسؤولية في نطاق الخطا المصلحي لترتيب مسؤولية الدولة، معتمدة على ما ورد في محضر الضابطة القضائية و تقرير لجنة تقصي الحقائق، و الحالة ان مثل هذا التعليل خاطئ لان مسؤولية الدولة عن الأحداث منتفية تماما سواء على مستوى الوقائع او على مستوى القانون، فرجال الأمن لم يتأخروا بالمرة في أداء الخدمة بل تدخلوا فورا بعد الأحداث، وفق المسطرة المسموح بها قانونا.
و ان المحكمة الإدارية قد أخطأت في تعليل حكمها، لأنه من المبادئ المسلم بها ان المسؤولية الجنائية تتبعها المسؤولية المدنية، و كل شخص مسؤول عن الضرر المعنوي او المادي الذي يحدثه، لا بفعله فقط و لكن بخطئه أيضا و انه في جميع الأحوال، فان مسؤولية الدولة منتفية لان الأحداث المذكورة شكلت حادثا فجائيا و قوة قاهرة بالنسبة للدولة، و لذلك كله التمست الدولة المغربية، بعد التصريح بعدم مسئوليتها عن الأضرار التي أصابت المستأنف عليها من جراء أحداث 14/12/90 إلغاء الحكم المستأنف و تصديا برفض الطلب.
لكن حيث انه من الواضح و كما أشار الي ذلك الحكم المستأنف، فان الهدف من إقامة الدعوى الحالية هو التصريح بمسؤولية  الدولة عن الأضرار التي أصابت المستأنف عليها من جراء أعمال الشغب، التي صاحبت أحداث 14/12/90 بمدينة فاس و الحصول على تعويض عن الأضرار المذكورة.
و حيث ان اكتفاء المعنية بالأمر بطلب درهم مؤقت كتعويض الى حين التأكد من حجم الخسائر و قيمة التعويضات المستحقة، لا ينفي عن النزاع طابع التعويض عن الأضرار الناتجة عن نشاط من نشاطات أشخاص القانون العام، و هي الدولة مما يبقى معه الاختصاص  قائما للمحكمة الإدارية و تكون الدعوى مقبولة.
و حيث انه فيما يخص وسائل الإثبات المعتمدة من طرف المحكمة الإدارية لتحميل الدولة المسؤولة عن الأضرار الناتجة عن الأحداث المذكورة، و ثبوت علاقة السببية بين هذه الأحداث و الأضرار الناتجة عنها بالنسبة للمستأنف عليها، فانه إذا كانت الأحداث المذكورة و ما صاحبها  من أعمال شغب
و هيجان جماهيري، قد ساهم في إلحاق الضرر بالشركة المستأنف عليها نتيجة ما أصاب   معملها من إحراق و تخريب و نهب، و هو ما أكده كل محضر الضابطة القضائية و تقرير لجنة التقصي المؤسسة من طرف مجلس النواب، فان بالمقابل و حسب الثابت من أوراق الملف و خصوصا تصريحات مدير الشركة المستأنف عليها، لدى الضابطة القضائية و من المفروض  فان المعنية بالأمر كانت على علم
و اطلاع بالإضراب  العام الذي وقعت الدعوة له في الأوساط العمالية ليوم 14/12/90 خصوصا و أنها تستخدم عددا مهما من العمال في معملها المذكور.
و حيث ان مما يؤكد ذلك تصريح مدير  الشركة الذي اعترف بأنه في اليوم المذكور سجل عدد مهم من العمال الذين لم يلتحقوا ذلك اليوم بالعمل، الشيء الذي يعني ان المسؤولين عن الشركة المذكورة كانوا يتوقعون اضطرابات و قلاقل و غليانا جماهيريا، و انه كان عليهم اتخاذ الاحتياطات اللازمة لمواجهة مثل هذه المواقف المحتملة، التي يطبعها عادة عامل الإثارة و الغليان و على الأقل إقفال أبواب العمل، لتجنب الهجمات المفاجئة و تفادي أعمال النهب و الاختلاس و التخريب.
و حيث انه من جهة أخرى و رغم الطابع الجماهيري الكبير و التكتلات البشرية التي صاحبت أعمال الشغب لليوم المذكور، فان كلا من تقرير لجنة التقصي البرلمانية و محضر الضابطة القضائية، و ان كان يستفاد منهما ان هناك تقصيرا ملحوظا من طرف قوات الأمن و القوات المساعدة و قوات التدخل السريع، لتطويق الأحداث المذكورة و وجود نقص ملحوظ في التجهيزات و الآليات العصرية لمواجهة مثل هذه التظاهرات الحاشدة و أعمال الشغب الكبيرة، فانهما لم ينكرا مع ذلك تأهيب هذه القوات
و تصديها لمواجهة الجماهير الغاضبة، و إيقاف التيار الجارف الذي صاحب المظاهرات و أعمال الشغب بدليل انه من الثابت سواء من محضر الضابطة ا تقرير لجنة التقصي، ان الأحداث المذكورة
و بفعل تطويق الجماهير في بعض الأحيان لقوات التدخل السريع، قد أدت الى سقوط عدد من الجرحى حتى في صفوف رجال الشرطة و القوات المساعدة التي لم تتوان في التصدي.
و حيث انه في خصوص الأشخاص الذين توبعوا و أدينوا جنائيا، عن أعمال الشغب و الفوضى التي ارتكبوها أثناء أحداث يوم 14/12/90 بمدينة فاس، فان ذلك لا يؤثر في الأمر شيئا على مسؤولية الدولة ، ذلك انه لم يثبت في أية مرحلة من مراحل التقاضي ان الأشخاص المدانين، هم الذين كانوا وراء ما لحق بممتلكات الشركة المستأنف عليها من خراب و دمار كليا او جزئيا، سيما و انه من الثابت ان المظاهرات و القلاقل التي صاحبت هذه الأحداث قد ضمت جماهير بشرية كثيرة يصعب تعدادها
و حصرها.
و حيث قدر المجلس الأعلى من هذه الظروف و الملابسات و الوثائق و المستندات المضافة للملف،
و تصريحات الأطراف المعنية بالأمر  ان هناك مسؤولية مشتركة بين كل من الدولة بصفتها الحامية للأمن و النظام و الساهرة على حماية ممتلكات الأفراد و الجماعات، يتمثل على الخصوص في عدم تطويق الموقف في الوقت و المكان المناسبين، و عدم استنفار العدد الكافي من القوات و الآليات لمواجهة مضاعفات أحداث يوم 14/12/90 ، بمدينة فاس مما تسبب في إلحاق أضرار بمعمل المدعية الذي تعرض للنهب و التخريب و الإحراق، و بين الشركة المدعية التي قصرت من جانبها  من اتخاذ الاحتياطات اللازمة في الوقت المناسب، للحد من خطوة الأضرار التي لحقت بممتلكاتها و للحيلولة دون اتساع نطاق عمليات الهجوم و النهب التي تعرضت لها.
و حيث انه نظرا لما تقدم فقد قدر المجلس الأعلى، ان يجعل ثلث المسؤولية على عاتق الشركة المدعية.
و حيث يتعين تعديل الحكم المستأنف.
لهذه الأسباب
قضى المجلس الأعلى بتأييد الحكم المستأنف في مبدئه مع تعديله فيما يخص المسؤولية، يجعل ثلثيها على عاتق الدولة المغربية و الثلث الباقي على عاتق الشركة المستأنف عليها.
و به صدر القرار و تلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور اعلاه، بقاعة الجلسات العادية بالمجلس الأعلى بالرباط. و كانت الهيئة الحاكمة متركبة من رئيس الغرفة السيد محمد المنتصر الداودي و المستشارين السادة: مصطفى مدرع، محمد بورمضان، احمد دينية و احمد حنين، و بمحضر المحامي العام السيد عبد الجواد الرايسي و بمساعدة كاتب الضبط السيد محمد المنجرا.
رئيس الغرفة                   المستشار المقرر                   كاتب الضبط

Quelques décisions du même thème : Administratif