بناء على المقال المرفوع بتاريخ 2022/03/01 من طرف الطاعنين المذكورين
أعلاه بواسطة نائبهما الأستاذ النقيب عبد الله درميش الر امي إلى إلغاء القرار الضمني الصادر عن رئيس الحكومة برفض طلبهما الرامي إلى العمل على نشر كافة القرارات الصادرة في إطار التدابير المتخذة عملا بمقتضيات المادة الثالثة من المرسوم بقانون رقم 2.20.292 سواء تلك المتخذة إلى غاية اليوم أم تلك التي سيتم اتخاذها مستقبلا، في الجريدة الرسمية، وذلك بسبب الشطط في استعمال السلطة. وبناء على الأوراق الأخرى المحلى بها في الملف. وبناء على قانون المسطرة المدنية وبالأخص فصوله 353 وما بعده. وبناء على الأمر بالتخلي والإبلاغ الصادر في 2022/06/29 وبناء على,على الإعلام بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ
وبناء على المناداة على الطرفين ومن ينوب عنهما وعدم حضورهم.وبعد تلاوة المستشار المقرر السيد حميد ولد البلاد تقريره في هذه الجلسة والاستماع إلى مستنتجات المحامي العام السيد مهد بن لكصير. وبعد المداولة طبقا للقانون:
حيث إنه بموجب مقال قدم أمام هذه المحكمة بتاريخ 2022/03/01 يعرض فيه الطاعنان بواسطة ناتبهما الأستاذ النقيب عبد الله درميش أن رئيس الحكومة أصدر خلال شهر مارس 2020 نصين قانونيين أولهما ذو طبيعة تشريعية والثاني نو طبيعة تنظيمية وهما: المرسوم بقانون رقم 2.20.292 بتاريخ 23 مارس 2020 المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها والمرسوم رقم3. بتاريخ 23 مارس 2020 بإعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس كوروناكوفيد 19 المنشورين في الجريدة الرسمية بتاريخ 24 مارس 2020 وتفعيلا لمقتضيات المادة 3 من المرسوم بقانون رقم 2.20.292 والمادتين 2 و 3 من المرسوم رقم 2.20.293 شرعت الحكومة والإدارة منذ 24 مارس 2020 وقبله باتخاذ مجموعة من التدابير التي تقتضيها حالة
الطوارئ الصحية والرامية إلى منع تفشي وباء كوفيد 19 وحفظ النظام العام الصحيء إلا انه لوحظ عدم نشر القرارات المتخذة في هذا الصدد بالجريدة الرسمية بقدرما يتم تداولها وإبلاغها إلى علم العموم عن طريق البلاغات الصحفية والجرائد وغيرها من وسائل الإعلام وعلى أوراق مجهولة المصدر أحيانا وغير موقعة أحيانا اخرة وبموجب وثائق متضاربة المضمون أحيانا ولا يعلم ما هو الصحيح منهاء والحال أن هذه القرارات والتدابير تنطوي على وضع وتعديل وإلغاء قواعد قانونية منها ما هو تشريعي ومنها ما هو تنظيمي؛ وهي قواعد تؤثر على المراكز القانونية للمخاطبين باحكام القانون وتنطوي على جزاء زجري يترتب عن خرق التدابير المتخذة؛ وأنهما (أي الطاعنين) كاتبا رئيس الحكومة بتاريخ فاتح نونبر 2021 توصل به بتاريخ 03نونبر 2021 يدعوانه إلى العمل على نشر كافة القرارات الصادرة في إطار التدابير المتخذة عملا بمقتضيات المادة الثالثة من المرسوم بقانون رقم 2.20.292 سواء تلك المتخذة إلى غاية اليوم أم تلك التي سيتم اتخاذها مستقبلا بالجريدة الرسمية؛ إلا أنه رغم انقضاء الأجل لم يجبهما مما يعني أنه رفض طلبهما عملا بمقتضيات الفقرة 5 من المادة 23 من القانون المحدثة بموجبه محاكم إدارية؛ وأنه يحق لهما الطعن في هذا القرار الضمني بالرفض تأسيسا على كون القواعد القانونية التي تم وضعها في إطار تدابير حالة الطوارئ الصحية منها ما يقيد حرية التجول وفرض الكمامات ومنها ما يقيد حرية التجارة بتحديد ساعات فتح وقفل المحلات وتوقيف إستغلال بعض الأنشطة أو التخفيف من طاقتها الإستيعابية وفرض جواز التلقيح دون أن يتم نشر هذه القواعد في الجريدة الرسمية بل يتم تداولها بطرق مختلفة؛ والحال أن القاعدة القانونية يجب أن
تكون واحدة المصدر وموحدة المضمون ومضبوطة القاعدة حتى يكون المخاطب بأحكامها على علم تام وكامل بحقوقه والتزاماته؛ بالرغم من أن هذه التدابير لها أثر على المراكز القانونية المتعلقة بالعلاقات بين مختلف المخاطبين باحكام القانون وبينهم
وبين المجتمع ممثلا في النيابة العامة مادام أن كل خرق لأي تدبير اتخنته الحكومة في إطار هذه الصلاحيات يعتبر جريمة معاقب عنها بموجب المادة 4 من المرسوم بقانون رقم 2.20.292 وهو ما يعني أن جميع التدابير تعتبر في الواقع إجراءات تشريعية لكونها تحدد الركن المادي للجريمة المنصوص عليها في المادة 4 المذكورة» وهو ما يوجب نشرها في الجريدة الرسمية لتحقيق مبدأ لا يعذر أحد بجهل القانون الذي يقوم على ضرورة النشر الرسمي للقاعدة القانونية وهو ما استوجب تنصيص الفصل السادس من الدستور على وجوب نشر القواعد القانونية» وان ضرورة النشر تمتد إلى القواعد التنظيمية مادام أن المرسوم رقم 2.80.52 المؤرخ في 1980/10/16 نص على أن الجريدة الرسمية تشتمل على نشرة عامة تدرج فيها القوانين والنصوص التنظيمية والمقررات والوثائق التي تفرض القوانين أو النصوص التنظيمية الجاري بها __العمل نشرها بالجريدة الرسمية؛ وهو ما يفترض نشر جميع التدابير التي تتخذ الحكومة في إطار حالة الطوارئ الصحية بالجريدة الرسمية بدون استثناء لأنها تنشئ أو تعدل أو تلغي قواعد قانونية بعضها ذو طابع تشريعي محض والبقية ذات طابع تنظيمي وتصير ذات طبيعة تشريعية بالنظر إلى ما يترتب عنها على مستوى المسؤولية الجنائية؛ كما أن المادة 3 من المرسوم بقانون رقم 2.20.292 لا تعفي من النشر في الجريدة الرسمية؛ خاصة وأن النشر في الجريدة الرسمية لا يقتصر على المراسيم والمقررات التنظيمية والإدارية فقط بل يمتد إلى المناشير والبلاغات أيضاء وانه على فرض أن النصوص الجاري بها العمل غير واضحة أو تخول الحكومة سلطة تقديرية في نشر القرارات المتخذة فإن عدم نشرها في الجريدة الرسمية يؤدي إلى نتائج وخيمة على المستوى النظري والعملي تتركز حول صعوبة الإستدلال أمام القضاء بالتدابير التي اتخذتها الحكومة أمام غياب وثائق رسمية منسوبة إليها مما يؤثر على العقاب الزجري والتاكد من خرق التدابير ويؤثر على العلاقات بين المشغلين
والأجراء؛ وأن نشر هذه القوانين والتدابير في الجريدة الرسمية مسألة ضرورية لسيادة القانون مادام أنه (أي القانون) هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة والجميع متساوون أمامه وملزمون بتطبيقه» معتبرين (الطاعنين) أن قرار الرفض الضمني غير مشروع
لمخالفته الدستور والإنحراف في استعمال السلطة؛ والتمسا الحكم بإلغائه مع ما يترتب عن ذلك قانونا
فيما يخص مشروعية القرار المطعون فيه: حيث إن الطلب يهدف إلى الحكم بإلغاء القرار الضمني الصادر عن رئيس الحكومة برفض الطلب الرامي إلى العمل على نشر كافة القرارات الصادرة في إطار
التدابير المتخذة عملا بمقتضيات المادة الثالثة من المرسوم بقانون ر2.20.292 سواء تلك المتخذة إلى غاية اليوم أم تلك التي سيتم اتخاذها مستقبلا، بالجريدة الرسمية؛ وذلك بسبب الشطط في استعمال السلطة تأسيسا على مخالفته للدستور والإنحراف في
استعمال السلطة. لكن؛ حيث إن القول بإلزامية نشر عموم التدابير المتخذة من طرف الحكومة في إطار حالة الطوارئ الصحية وترتيب عدم المشروعية على إخلالها بذلك يقتضي أن يجد ذلك الإلزام سنده في قاعدة المشروعية المعتمدة من طرف الطاعنين» ويقتضي
استحضار النظام القانوني الخاص بحالة الطوارئ الصحية وبالإجراءات والتدابير المتخذة في إطارها.
وحيث إنه لئن الزم الدستور بموجب الفصل السادس منه نشر القواعد القانونية؛ فإن ذلك الإلزام لا ينصرف إلا إلى القاعدة القانونية ذات الطبيعة التشريعية سواء في شكل قوانين عادية أو قوانين تنظيمية؛ باستحضار أن نفس الفصل من الدستور يعرف
القانون بأنه أسمى تعبير عن إرادة الأمة؛ وبان البرلمان يمارس السلطة التشريعية بتصويته على القوانين العادية المحددة مجالاتها في الفصل الواحد والسبعون وكذا على القوانين التنظيمية؛ وهو ما يعني أن القانون المعني بإلزامية نشره في الجريدة الرسمية
هو القانون الذي نص الفصل الواحد والخمسون من الدستور على أن جلالة الملك يصدر الأمر بتنفيذه بعد استنفاذ المسطرة التشريعية سواء العادية منها أو الإستثنائية.
وحيث إن المرسوم بقانون رقم 2.20.292 المتعلق بسن احكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها باعتباره نصا ذي طبيعة تشريعية صدر في نطاق الصلاحيات التشريعية المخولة للحكومة بموجب الفصل 81 من الدستور؛ وتم
نشره في الجريدة الرسمية عدد 6867 مكرر بتاريخ 24 مارس 2020 وأن المرسوم رقم 2.20.293 القاضي بإعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني
لمواجهة تفشي فيروس كوروناكوفيد 19 باعتباره قرارا تنظيميا صادرا عن رئيس الحكومة تم نشره بدوره في نفس الجريدة الرسمية؛ بما يعنيه ذلك من توافقهما مع المقتضيات المحتج بها من طرف الطاعنين وحيث إنه لما كانت باقي القرارات والتدابير المنسوب إلى الحكومة إصدارها خلال حالة الطوارئ الصحية سواء تعلق منها بقرارات منع التنقل أو تقييده بشروط أو توقيف بعض الأنشطة التجارية أو الصناعية أو تعليق استعمال الفضاءات العمومية أو تحديد طاقة استيعابها أو فرض ارتداء الكمامات أو اشتراط جواز التلقيح للولوج إلى بعض الأماكن، هي كلها تدابير وإجراءات صادرة في نطاق ما تنص عليه مقتضيات المادة 3 من المرسوم بقانون رقم 2.20.292 باعتباره نصا تشريعيا خول الحكومة إصدار مثل هذه القرارات والتدابير دون أن يلزمها بوجوب نشرها بطريقة محددة أوفي
الجريدة الرسمية؛ اعتبارا لما تقتضيه ضرورات التدخل الفوري والعاجل للحيلولة دون تفاقم الحالة الوبائية للمرض؛ وهو ما يعني أنه في غياب قاعدة قانونية توجب نشر مثل هذه القرارات والتدابير لا يمكن وصم قرار رئيس الحكومة الضمني برفض نشرها فيالجريدة الرسمية بعدم المشروعية ولا ينطوي على أي انحراف في استعمال السلطة لغياب أي تجل من تجليات الإنحراف؛ سيما وأن الإستدلال بما ينص عليه المرسوم المنظم للجريدة الرسمية من إمكانية نشر القرارات التنظيمية والمقررات : يتوقف على تحقق شرط التنصيص على تلك الإلزامية بموجب النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل؛ وفي غياب ذلك الشرط فلا مجال للقول بتلك الإلزامية» ولا يمكن تأسيس الطعن بالإلغاء في نازلة الحال على فرضيات تتعلق بحالات خاصة لم تعرض بعد على القضاء المختص الذي يبقى مؤهلا للفصل فيها بحسب كل حالة وفي ظل النظام القانوني المطبق عليها وعلى وسائل الإثبات المعمول بها أمامه.
وحيث إنه تأسيسا على ذلك؛ يبقى الطلب غير مؤسس ويتعين رفضه.
لهذه الأسباب
قضت محكمة النقض برفض الطلب.
وبه صدر القرار وتلي في الجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور اعلاه بقاعة الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من رئيس
الغرفة الإدارية (القسم الأول) السيد عبد المجيد بابا اعلي والمستشارين السادة: حميد ولد البلاد مقرراء؛ ونادية للوسي وفائزة بالعسري وعبد السلام نعناني؛ وبمحضر
المحامي العام السيد مهد بن لكصير؛ وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة هدى عدلي.