وبعد المداولة طبقا للقانون
بناء على مقال النقض المودع بتاريخ 2020/08/04 من طرف الطالبة المذكورة أعلاه بواسطة نائبها الأستاذ (ن. ع.ح.)، الرامي إلى نقض القرار رقم 5555 الصادر بتاريخ 2019/11/21 في الملف 2019/8202/4870 عن محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء.
حيث يستفاد من وثائق الملف ومن القرار المطعون فيه أن المطلوبة شركة (ب.ب.ت.) قدمت بتاريخ 2019/03/01 مقالا إلى المحكمة التجارية بالدار البيضاء، عرضت فيه أنها دائنة للطالبة شركة (ف. أ) بمقابل مجموعة من الفواتير بلغت 344874.05 درهم امتنعت عن أدائه رغم كل المطالب الودية، والتمست لذلك الحكم عليها بأدائها لفائدتها المبلغ المذكور مع تعويض عن التماطل قدره 10000 درهم والفوائد القانونية من تاريخ الطلب وتحميلها الصائر.
وبعد دفع المدعى عليها بعدم الاختصاص النوعي وجوابها بكون المدعية اعتمدت في مقالها على فواتير ووصول طلب البضاعة وليست وصول تسليم البضاعة، وأن وصل الطلب هو الذي يفيد أن المدعى عليها قامت بطلب البضاعة في حين أن وصل التسليم هو الذي يثبت تسلمها للبضاعة موضوع الفواتير وأن الفصل 417 من ق.ل.ع ينص على أن الدليل الكتابي لا ينتج عن ورقة رسمية أو عرفية ويمكن أن ينتج من المراسلات والفواتير المقبولة، وأن المدعية عززت طلبها بفاتورات وأن ما يثبت قبول هذه الفاتورات هي وصل التسليم الذي يجب أن يكون موقعا من طرف المدعية وهو ما يجعلها مقبولة حتى تعتبر كافية لإثبات المديونية عملا بالفصل المذكورة أعلاه، والتمست لذلك رفض الطلب.
وبعد صدور الحكم باختصاص المحكمة التجارية بالدار البيضاء نوعيا للبت في القضية، وتعقيب الطرفين صدر الحكم القاضي بأداء المدعى عليها لفائدة المدعية مبلغ 344874.05 درهم مع الفوائد القانونية من تاريخ الطلب إلى تاريخ التنفيذ، استأنفته الطالبة وأيدته محكمة الاستئناف بقرارها المطعون فيه بالنقض.
في شأن وسيلتي النقض مجتمعين:
حيث تنعى الطاعنة على القرار عدم الارتكاز على أساس قانوني وسوء التعليل الموازي لانعدامه وخرق الفصل 67 من القانون 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة والمادتين 1 و2 من المرسوم المتعلق بتطبيق نفس القانون، بدعوى أنه اعتمد الفواتير المدلى بها من طرف المطلوبة للقول بتأييد الحكم الابتدائي معتبرا في تعليله أن ما ذهبت إليه من تضمين الفواتير مبالغ جزافية تخالف الأثمنة المتداولة في معاملات سابقة بين طرفي النزاع غير منتج لكونها لم يسبق أن أبدت أي تحفظ من جانبها على مضمون الفواتير في إبانه ولا قبل رفع دعوى الأداء وردت السبب المثار لعدم جديته، وأن الفواتير المستدل بها من صنع يدها ومخالفة لما تم الاتفاق عليه في معاملة سابقة تهم نفس البضائع المسطرة بالفواتير محل النزاع والتي سبق وأدت مقابلها بدون أي منازعة وأنها استدلت بفواتير صادرة عن المطلوبة تهم نفس البضائع أثمنتها مختلفة كليا عن الأثمنة بالفواتير المطلوب أداؤها كما أنها أدلت رفقة مقالها الاستئنافي بأوراق عرض الأثمنة صادرة عن شركات مختلفة تهم نفس البضاعة محل النزاع يقل ثمنها بكثير عن الثمن المعتمد في الفواتير المطلوب أداؤها، وأن القرار المطعون فيه بعدم وقوفه على حقيقة الثمن المتداول في السوق بالنسبة للبضائع موضوع الفواتير محل النزاع للوقوف على حقيقة الإثراء بدون سبب على حسابها وعدم احترام المطلوبة لمقتضيات المادة 67 من القانون رقم 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة وخرقه كذلك للمادة 1 و2 من المرسوم الصادر في فاتح دجنبر 2014 بتطبيق القانون 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة، وبذلك فإن أثمنة البضائع والمنتجات والسلع والخدمات هي منظمة بمقتضى القانون ولا تخضع لإرادة المطلوبة ولا تحتاج لإبداء الطاعنة تحفظها على مضمون الفواتير محل النزاع، يكون قد أساء التعليل وخارقا لمقتضيات الفصول المشار إليها أعلاه، مضيفة أن القرار المطعون فيه اعتمد فواتير حاملة لطابع المستأنفة ومرفقة بوصول تسليم مؤشر عليها بالقبول واعتبرها دليلا بمفهوم المادة 417 من ق.ل.ع رغم أن الطاعنة تمسكت بعدم توقيع ممثلها القانوني عليها، وأن الفواتير المقبولة في مفهوم المادة المذكورة هي الموقع عليها بعبارة القبول وغير المنازع فيها وليست الفواتير التي تحمل فقط تأشيرة التوصل، كما أنها نازعت في المديونية المسطرة فيها بكونها غير حاملة لتوقيع ممثلها القانوني ولا لخاتمها ولم تفوض لأي من مستخدميها وضع خاتمها بالنيابة عنها ولا بما يفيد قبولها للأثمنة المضمنة بهذه الفواتير، كما أن ملف النزاع خال من وصول تسليم البضاعة محل النزاع حاملة لتوقيع وطابع الشركة ومضمن بها عبارة القبول وفق ما يشترطه الفصل 417 من ق.ل.ع لأنه لا يعتد بتأشيرة التوصل بل لا بد من التعبير الصريح عن كون الفواتير محل النزاع مقبولة ولا يمكن أن يلجأ إلى الاستنتاج والاستنباط وفق ما ذهب إليه القرار المطعون فیه، مما يكون معه قد خرق الفصل 417 من ق.ل.ع مما يعرضه للنقض.
لكن، حيث إن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه لما ثبت لها من الفواتير المستدل بها من طرف المطلوبة أنها لا تحمل أي تحفظ بشأن البضاعة والأثمنة المضمنة بها، كما ثبت لها أن الفواتير تحمل خاتم الطاعنة ومرفقة بوصولات تسليم البطاقة تحمل طابعها وتوقيعها واعتبرتها دليلا بمفهوم الفصل 417 من ق.ل.ع، واعتبرت عن صواب أن عدم توقيع ممثلها القانوني على الفواتير غير مؤسس ما دام ليس هناك ما يثبت اشتراط توقيع الممثل القانوني أو الاتفاق على أثمنة محددة للبيع المضمنة بالفواتير، وهي بنهجها لم تخرق المقتضيات المحتج بخرقها، وجاء قرارها معللا تعليلا سليما ومرتكزا على أساس وما بالوسيلة غير جدير بالاعتبار.
لهذه الأسباب
قضت محكمة النقض برفض الطلب وتحميل الطالبة الصائر.
وبه صدر القرار، وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات الاعتيادية بمحكمة النقض بالرباط. وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من رئيسة الغرفة السيدة خديجة الباين والمستشارين السادة: نور الدين السيدي مقررا ومحمد الكراوي والسعيد شوكيب ومحمد وزاني طيبي أعضاء، وبمحضر المحامي العام السيد محمد صادق، وبمساعدة كاتب الضبط السيد عبد الرحيم أيت علي.