Réf
37738
Juridiction
Cour de cassation
Pays/Ville
Maroc/Rabat
N° de décision
708/1
Date de décision
10/11/2022
N° de dossier
2019/1/3/878
Type de décision
Arrêt
Chambre
Commerciale
Mots clés
نظام عام وطني, Exécution provisoire, Exequatur, Faculté discrétionnaire du juge de l'exequatur, Garanties financières, Ordre public international, Ordre public national, Recours en annulation, Règles de change, Sentence arbitrale internationale, Sursis à exécution, Droit fiscal, Sursis à statuer, اتفاقية نيويورك, بطلان الحكم التحكيمي, تذييل بالصيغة التنفيذية, تنفيذ معجل, حكم تحكيمي دولي, رقابة القاضي, ضمانات ملائمة, قانون الصرف, محكمة الاستئناف بباريس, نظام عام دولي, إيقاف البت, Convention de new York
Base légale
Article(s) : 5 - 6 - Convention de New York pour la reconnaissance et l’exécution des sentences arbitrales étrangères (1958)
Article(s) : 327-46 - 327-49 - Dahir portant loi n° 1-74-447 du 11 ramadan 1394 (28 septembre 1974) approuvant le texte du code de procédure civile
Source
Non publiée
La Cour de cassation, saisie d’un pourvoi contre l’arrêt d’une cour d’appel ayant statué sur l’homologation d’une sentence arbitrale internationale initialement soumise au président du tribunal de commerce et assortie de l’exécution provisoire, alors même qu’un recours en annulation était pendant devant la juridiction du siège, a précisé les conditions de l’exequatur et la délimitation de l’ordre public international.
1. Sursis à statuer et garanties financières
L’article 6 de la Convention de New York du 10 juin 1958 confère au juge de l’exequatur une faculté discrétionnaire de surseoir à statuer sur l’exécution d’une sentence arbitrale, sans caractère impératif. Cette prérogative inclut la possibilité de subordonner un tel sursis à la constitution de garanties appropriées. Le refus des défenderesses de produire la caution bancaire requise a ainsi justifié le rejet de leur demande de suspension, le juge n’étant pas contraint par l’existence d’un recours en annulation ni par les sûretés déjà établies.
2. Définition de l’ordre public international
Seules les atteintes aux principes fondamentaux du droit international public peuvent fonder un refus d’exequatur. Les règles nationales de change ou fiscales, qu’il s’agisse de l’article 4 de la Convention instituant le Fonds Monétaire International ou des circulaires de l’Office des Changes (20 septembre et 10 décembre 2018), relèvent de l’ordre public interne et ne constituent pas, en l’espèce, une violation de l’ordre public international justifiant l’irrecevabilité de la sentence.
3. Contrôle juridictionnel de l’exequatur
Le contrôle du juge de l’exequatur est strictement borné aux motifs de refus énumérés à l’article 5 de la Convention de New York et aux articles 327-46 et 327-49 du Code de procédure civile. Il ne revoit ni le fond de la sentence, ni la mission confiée aux arbitres, ni la validité des voies de recours internationales, ces dernières demeurant du ressort exclusif de la juridiction du siège de l’arbitrage.
Par conséquent, le pourvoi est rejeté.
الغرفة التجارية القسم الأول بمحكمة النقض
قرار رقم: 708/1، بتاريخ: 2022/11/10، ملف تجاري رقم: 2019/1/3/878
بناء على مقال النقض المودع بتاريخ 2019/4/22 من طرف الطالبين المذكورين حوله بواسطة نائبهم الأستاذ هشام (ن) الرامي إلى نقض القرار رقم 475 الصادر بتاريخ 2019/3/20 عن محكمة الاستئناف التجارية بمراكش في الملف عدد: 2019/8225/204.
وبناء على الأوراق الأخرى المدلى بها في الملف.
وبناء على قانون المسطرة المدنية المؤرخ في 28 شتنبر 1974 كما وقع تعديله وتتميمه.
وبناء على الأمر بالتخلي والإبلاغ الصادر في 2022/10/12.
وبناء على الإعلام بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ 2022/11/03 التي أخرت لجلسة 2022/11/10.
وبناء على المناداة على الطرفين ومن ينوب عنهما وعدم حضورهم.
وبعد تلاوة التقرير من طرف المستشار المقرر السيد محمد رمزي والاستماع إلى ملاحظات المحامي العام السيد رشيد بناني.
وبعد المداولة طبقا للقانون:
حيث يؤخذ من وثائق الملف والقرار المطعون فيه أن المطلوبة شركة (ت) تقدمت بمقال أمام المحكمة التجارية بمراكش عرضت فيه أنها استصدرت ضد الطالبين شركة (م) و شركة (و) و شركة (س) و محمد (ق)، حكما تحكيميا عن محكمة التحكيم الدولية التابعة لغرفة التجارة الدولية بباريس بتاريخ 2018/08/01 في الملف عدد 22401 والقاضي بما يلي:
-1- رفض طلب المدعى عليه الرامي إلى التصريح قبل أي دفع أو دفاع بعدم قبول طلبات المدعي بدعوى أن طلب التحكيم المؤرخ في 14 نونبر 2016 قد يكون قدم خرقا للالتزامات المسبقة المنصوص عليها في الشرط التحكيمي وبناء على ذلك تصرح بقبول طلبات المدعي.
-2- رفض الطلب الأصلي للمدعي الرامي إلى الحكم على المدعى عليهم بالتضامن بأن يؤدوا بالأورو مبلغ 5.500.000 درهم بالكامل من قبل الثمن المستحق عن الوعد بالشراء بسبب تعارضه مع التوجه العام الذي يحتج به الأطراف في هذا التحكيم بصفته قانونا ضبطيا أجنبيا.
3- قبول الطلب الاحتياطي للمدعي الرامي إلى الأداء في المغرب بالدرهم المغربي بمقابل قيمة 5.500.000 درهم من قبيل الثمن المستحق عن الوعد بالشراء وبناء على ذلك: أ- أمر المدعى عليهم بأن يؤدوا بالتضامن في المغرب مقابل قيمة مبلغ 5.500.000 أورو من قبيل الثمن المستحق عن الوعد بالشراء. ب- القول أن التحويل سيتم بسعر الصرف « السعر المرجعي » أورو / درهم للبنك المركزي المغربي المنشور يوم تنفيذ الحكم التحكيمي.
-4- رفض طلب المدعى عليهم المقدم إلى محكمة التحكيم من أجل معاينة الاتفاقية الضريبية بين المملكة المتحدة والمغرب قد تكون قابلة للتطبيق.
5- الحكم على المدعى عليهم متضامنين بأداء مبلغ 550.000 أورو على سبيل التعويض وتقول إنه يجب أن يؤدى هذا المبلغ بالأورو صاف من كل الضرائب.
6- تحكم على المدعى عليهم بالتضامن بأداء مبلغ 435.506 أورو على سبيل الفوائد عن القرض يؤدى بالأورو.
7- الحكم على المدعى عليهم متضامنين بأن يؤدوا في المبلغ مقابل قيمة مبلغ 293.363 أورو بسعر الصرف « السعر المرجعي » أورو / درهم للبنك المركزي المغربي المنشور يوم تنفيذ الحكم التحكيمي، على سبيل فوائد التأخير على القرض والقول أن فوائد التأخير هذه تستمر في سريانها بنسبة 15% إلى غاية يوم التنفيذ.
8- تسجيل بأن المدعى عليهم يعترفون بأنهم مدينون بالاقتطاع من المنبع وبأنهم سيتدبرون أمرهم الشخصي لكي يسددوا لدى السلطات الضريبية المغربية المبالغ المستحقة على هذا النحو عن الأداءات المتعلقة بالفوائد على القرض.
9- رفض الطلب المضاد الأول الذي يطالب برفع اليد عن الإجراءات المؤقتة التي تم الحصول عليها ومنع طلب إجراءات مؤقتة مستقبلية.
10- رفض الطلب المضاد الثاني الرامي للحصول على تعويضات من أجل الضرر اللاحق بالصورة والسمعة بسبب غياب الدليل على الضرر الواضح والعلاقة السببية مع التصرف المنسوب للمدعي.
-11- قبول طلب المدعي المتعلق بتخصيص مصاريف التحكيم وبناء على ذلك: أ- القول أن المدعى عليهم سيتحملون مجموع حصتهم من مصاريف التحكيم التي تقع على عاتقهم كما حددتها المحكمة وكذا مجموع مصاريفهم الخاصة المتعلقة بالمستشارين. ب- الحكم على المدعى عليهم متضامنين بأن يسدّدوا إلى المدعي مجموع حصته من مصاريف التحكيم المحددة من قبل المحكمة أي 242.500 دولار أمريكي صاف من الضريبة على القيمة المضافة وبأن يسددوا إلى المدعي مصاريفه المطالب بها في حدود 40% أي مبلغ 33.387,99 صاف من كل الضرائب.
12- رفض كل الطلبات الأخرى كيفما كانت طبيعتها.
ذاكرة أي طالبة التذييل أنها وجهت إنذارا إلى المدعى عليهم لتنفيذ الحكم التحكيمي لكن دون نتيجة، وأن مقر المحكوم عليهم يوجد بمراكش ؛ وأدلت بالوثائق المنصوص عليها في الفصل 47/327 من قانون المسطرة المدنية وأن الحكم التحكيمي لا يتضمن أي مخالفة للنظام العام المغربي أو الدولي، وأن الطلب والحكم التحكيمي تتوفر فيهما الشروط المنصوص عليها في الفصلين 4 و 5 من اتفاقية نيويورك المؤرخة في 1958/06/10 المتعلقة بالتحكيم الدولي. ملتمسة الأمر بإعطاء الصبغة التنفيذية للحكم التحكيمي وشمول الأمر بالتنفيذ المعجل وتحميل المدعى عليهم الصائر.
فأجاب المدعى عليهم بكون الحكم التحكيمي موضوع الطلب يتعلق بتحكيم دولي تم بباريس بفرنسا، وأن الفصل 1518 من قانون المسطرة المدنية الفرنسي ينص على قابلية الحكم التحكيمي للطعن فيه بالبطلان، وأنهم فعلا تقدموا بالطعن في الحكم التحكيمي أمام محكمة الاستئناف بباريس. لذلك فإنه يتعين التصريح بإيقاف البت في الطلب إلى حين بت محكمة الاستئناف بباريس في الطعن بالبطلان في الحكم التحكيمي الذي ينصب على نفس الموضوع لتفادي صدور حكمين متناقضين في حالة الاستجابة لدعوى البطلان. وأن هذه القاعدة نص عليها الفصل 109 من قانون المسطرة المدنية بشرطين هما وحدة الموضوع وارتباط الملف الحالي بدعوى الطعن بالبطلان الجارية أمام محكمة أخرى وأن الشرطين معا متوفرين، وأن هذا الفصل لا يفرض أن يتعلق الأمر بمحكمتين داخل المملكة المغربية. وأن مبدأ إيقاف البت قررته اتفاقية نيويورك في المادة السادسة التي تنص على أنه في حالة تقديم طلب يرمي إلى التصريح ببطلان الحكم التحكيمي أمام السلطة المختصة في البلد الذي صدر فيه الحكم المذكور، جاز للسلطة التي يحتج أمامها بالحكم التحكيمي أن تؤجل البت في طلب تخويل الصيغة التنفيذية والاعتراف بالحكم التحكيمي إلى حين البت في الطعن المقدم أمام السلطة التي صدر الحكم التحكيمي في دائرة نفوذها. ملتمسين أساسا التصريح بإيقاف البت في دعوى التذييل بالصيغة التنفيذية إلى حين بت محكمة الاستئناف بباريس في الطعن بالبطلان المقدم من طرفهم. واحتياطيا أن الحكم التحكيمي مخالف للنظام العام الوطني والدولي. من ثلاثة أوجه: أولا: مخالفة النظام العام الدولي المتخذ من عدم اعتراف الحكم التحكيمي بالنظام القانوني للصرف المعمول به في المغرب كجزء لا يتجزأ من النظام العام الدولي. وأن عدم تكييفه لنظام الصرف المغربي كجزء من النظام العام الدولي يعتبر في حد ذاته مخالفة للنظام العام الدولي….
ثانيا: مخالفة الحكم التحكيمي للنظام العام الوطني: ذلك أنه قضى بالحكم عليهم بأدائهم الفائدة الطالبة مبلغ 5.500.000 أورو المقابل للثمن الواجب أداؤه تنفيذا لعقد الوعد بالشراء المبرم بتاريخ 2013/06/30، مانحا بذلك للعقد المذكور آثارا قانونية في الوقت الذي يعتبر فيه مخالفا للضبط المتعلق بالصرف. وهو ما يعد خرقا لقاعدة من النظام العام الوطني… كذلك يتجلى مخالفة الحكم التحكيمي للنظام العام الوطني في الحكم على المدعى عليهم تضامنا فيما بينهم رغم عدم ورود شركة (و) كطرف متضامن ضمن العقد المؤرخ في 2016/05/06. إضافة إلى الحكم عليهم بأداء مجموعة من المبالغ بعملة أجنبية دون الإشارة إلى أن الأداء سيتم مقابل سعر الصرف المقابل للدرهم المغربي يوم التنفيذ… ثالثا: مخالفة الحكم التحكيمي للنظام العام الوطني المتخذ من انعدام التعليل، ذلك أن الحكم التحكيمي معيب بانعدام التعليل في شأن نقطة أساسية تتعلق بالطلب الأصلي للطالبة المترتب عن عقد الوعد بالشراء مادام أن المحكمة التحكيمية قد صرحت بكونهم لم يجيبوا عن الطلب الاحتياطي للطالبة وهو الأمر المخالف للوقائع ولوثائق الملف. ولكل ما ذكر التمسوا أساسا التصريح بإيقاف البت في الطلب إلى حين بت محكمة الاستئناف بباريس في الطعن بالبطلان في الحكم التحكيمي. واحتياطيا رفض الطلب.
فأدلت المدعية بمذكرة مقرونة بمقال إضافي التمست فيه استنادا للشطر الأخير من المادة 6 من اتفاقية نيويورك، الحكم – في حالة الاستجابة لطلب إيقاف البت – على المدعى عليهم بالإدلاء بضمانة بنكية لأول طلب تقدم من طرف بنك مغربي يتعهد بمقتضاها هذا الأخير بوصفه ضامنا بأن يؤدي لها كامل المبلغ المحكوم به من طرف الحكم التحكيمي أصلا وفوائد وصوائر، وذلك بمجرد صدور حكم يقضي برفض طلب بطلان الحكم التحكيمي المقدم أمام محكمة الاستئناف بباريس من طرف المدعى عليهم وصدور أمر بتذييل نفس الحكم التحكيمي بالصيغة التنفيذية يصدر عن رئيس المحكمة التجارية بمراكش يصبح واجب التنفيذ.
وبعد التعقيب وإدلاء دفاع الطرفين بملاحظاتهما الشفوية وتمام الإجراءات، قضت المحكمة التجارية بتذييل الحكم التحكيمي، الصادر عن محكمة التحكيم الدولية التابعة لغرفة التجارة الدولية بباريس بتاريخ 2018/08/01 في الملف عدد 22401 عن هيئة التحكيم المشكلة من السادة جيلبير (ب) و كريستوف (د) و جورج (ا) بالصيغة التنفيذية، وتحميل المدعى عليهم الصائر. الحكم الذي استأنفه الطرف المدعى عليه، وبعد الجواب والتعقيب، أبدته محكمة الاستئناف التجارية بقرارها المطعون فيه بالنقض.
في شأن الوسيلة الأولى بفروعها الأربعة:
حيث يعيب الطالبون القرار بسوء ونقصان التعليل الموازيين لانعدامه وعدم الارتكاز على أساس وسوء تطبيق المادة 6 من اتفاقية نيويورك لسنة 1958، بدعوى أنه تجاهل مقتضيات الفصلين 327/52, 327/51 من قانون المسطرة المدنية والفصلين 1518 و 1519 من قانون المسطرة المدنية الفرنسي، ذلك أنه اعتبر أن الطالبين ولئن أثبتوا كونهم قد طعنوا بالبطلان ضد الحكم التحكيمي، إلا أنه لا دليل على أن ذلك الطعن قد قدم أمام الجهة المختصة، والحال أنه تعليل سيء وناقص وغير مرتكز على أساس؛ لكون الحكم التحكيمي المعني هو حكم تحكيمي دولي صادر بباريس (فرنسا) باعتبارها مقر التحكيم حسب اتفاق الأطراف وحسب الثابت من الحكم التحكيمي نفسه؛ وإن كان الفصل 327/51 من ق م م، يجيز الطعن بالبطلان ضد الحكم التحكيمي، إلا أن ذلك رهين حسب الفصل المذكور بصدور ذلك الحكم بالمملكة المغربية. فالثابت في مجال التحكيم الدولي أن الطعن بالبطلان ضد الأحكام التحكيمية الدولية يخضع لقانون البلد الذي صدرت فيه تلك الأحكام، وهي محكمة الاستئناف بباريس على اعتبار أن هذه المدينة كانت هي مقر التحكيم الذي صدر فيه الحكم التحكيمي موضوع الدعوى؛ وبذلك فإن المحكمة المختصة لتلقي الطعن بالبطلان والبت فيه هي محكمة الاستئناف بباريس دون حاجة إلى إثبات الطالبين ذلك، مادام أن الفصل 327/51 من ق م م صريح في هذا المجال. وما يؤكد أيضا سوء التعليل، هو ما ينص عليه بشكل خاص الفصل 327/52 من ق م م الذي يشير إلى رفع دعوى البطلان أمام محكمة الاستئناف التي صدر الحكم التحكيمي الدولي في دائرة نفوذها. وفي جميع الأحوال، ومادام قد ثبت وبإقرار القرار المطعون فيه طعن الطالبين بالبطلان، فالأكيد أن الجهة المخولة للبت في الاختصاص من عدمه، هي محكمة الاستئناف بباريس دون سواها، وليست محكمة الاستئناف التجارية باعتبارها فقط محكمة النظر في طلب تذييل المقرر التحكيمي بالصيغة التنفيذية. فالقرار المطعون فيه قد تجاهل، بالنظر إلى مكان صدور الحكم التحكيمي الثابت، مقتضيات قانونية حاسمة في شأن المحكمة المختصة للنظر في الطعن بالبطلان؛ ذلك أن الفصل 1518 من قانون المسطرة المدنية الفرنسي ينص على أن الحكم التحكيمي الصادر بفرنسا في إطار تحكيم دولي لا يمكن أن يكون سوى محل طعن بالبطلان ؛ ويضيف الفصل 1519 من نفس القانون بشكل خاص، أن الطعن بالبطلان يقدم أمام محكمة الاستئناف التي صدر الحكم التحكيمي في دائرة نفوذها، أي في النازلة، محكمة الاستئناف بباريس باعتبار الحكم التحكيمي قد صدر في هذه المدينة.
كذلك اعتبر القرار المطعون فيه أن الطالبين هم الذين « ضيعوا » الإمكانية المتاحة من خلال المادة 6 من اتفاقية نيويورك المتعلقة بالاعتراف بقرارات التحكيم الدولية وتنفيذها، مادام أنهم رفضوا إبداع الضمانة حتى لا تضيع حقوق المطلوبة؛ والحال أن ذلك فيه تطبيق سيء لنص المادة 6 المذكورة؛ ذلك أن الإمكانية المتاحة بمقتضاها لفائدة قاضي التذييل بالصيغة التنفيذية من أجل الأمر بإيقاف البت كلما ثبت لديه طعن بالبطلان مقدم من طرف من يواجه بطلب التذييل بالصيغة التنفيذية، تنطبق كذلك على الصلاحية المخولة له من أجل إقران إيقاف البت بتقديم ضمانة من عدمه. وبمعنى آخر، فإن المحكمة التي تأمر بإيقاف البت في إطار المادة 6 من اتفاقية نيويورك، تبقى مخولة دون سواها في إقران ذلك الإيقاف بتقديم ضمانة من عدمه. وبذلك فالأمر لا يتوقف على إرادة الأطراف، بل هو خاضع للسلطة التقديرية للمحكمة بشكل لا يقبل معه ما انتهى إليه القرار المطعون فيه من عدم موافقة الطالبين على تقديم ضمانة مادام أن المحكمة إن اقتنعت بطلب إيقاف البت، تبقى هي وحدها من يقيم إمكانية إخضاع ذلك الإيقاف وإقرانه بتقديم ضمانة تحددها المحكمة سواء من حيث النوع أو المبلغ. كذلك فسوء التعليل امتد إلى عدم الجواب على ما أثاره الطالبون في هذا الصدد إذ أنهم أكدوا من خلال كتاباتهم المدلى بها أمام المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه، أن المطلوبة لا يمكن أن تتضرر من طلب إيقاف البت، خاصة وأنها تتوفر بشكل مسبق على ضمانات متعددة تفوق المبلغ المحكوم به بمقتضى الحكم التحكيمي، وهو ما لم يتعرض له القرار المعطون فيه. فالمطلوبة كانت أثناء نظر الدعوى تستفيد من تسعة (9) أوامر بالحجز التحفظي في مواجهة كافة الطالبين تنصب على أموال منقولة وعقارية مختلفة لضمان المبلغ الأصلي المطالب به بمقتضى مقال فتح دعوى التحكيم، أي 86.374.035.92 درهم؛ بل إنه على إثر صدور الحكم التحكيمي بادرت المطلوبة إلى استصدار أوامر قضائية إضافية بإجراء حجوز تحفظية وعددها ستة (6) أوامر بالحجز من أجل ضمان مجموع المبلغ المحكوم به بمقتضى الحكم التحكيمي، أي 77.046.242,76 درهم؛ فكل أوامر الحجز أدلي بها أمام محكمة الاستئناف التجارية التي لم تلتفت إلى كون الحجوز مجتمعة (أي 15 حجزا تحفظيا)، كلها كانت قائمة أثناء سريان المسطرة سواء ابتدائيا أم استئنافيا، ومجموع المبلغ المضمون بمقتضاها محددا في 163.420.278,68 درهم، أي بفارق 86.374.035,30 درهما؛ كما أن مجرد إيقاع تلك الحجوز يؤدى بقوة القانون إلى وضع القضاء يده عليها بشكل بمنع الطالبين من التصرف فيها طبقا للفصل 453 من ق.م.م؛ وبالتالي فالطرف المتضرر هم الطالبون، وهو ما لم تراعيه محكمة الاستئناف التجارية بالرغم من ثبوته وطابعه الموضوعي. كما أن المادة 6 من اتفاقية نيويورك لم تحدد في إطار السلطة الجوازية للمحكمة في فرض نوع أو طبيعة الضمانة؛ مما يجعل محكمة الاستئناف التجارية، غير مجبرة على مجاراة موقف الطالبين في رفضهم تقديم ضمانة بنكية عند أول طلب حسب ما ارتأته المطلوبة لكي تنضاف إلى باقي الحجوز التي تستفيد منها، مادام أن المادة 6 من اتفاقية نيويورك تجيز لها أمر طالب إيقاف البت بإيداع ضمانة، أي أن الأمر يتوقف على سلطتها التقديرية التي يراعى فيها فقط مدى تعليلها في ذلك من عدمه.
أيضا اعتبر القرار المطعون فيه أن إيقاف البت خاضع للسلطة الجوازية للمحكمة، وهو ما لا يجادل فيه العارضون، شريطة تعليل القرار في شأنه وهو الأمر المتخلف ضمن القرار المطعون فيه إذ يظهر أنه انطلق من مسلمة خاطئة في شأن المحكمة المختصة للبت في الطعن بالبطلان ضد الحكم التحكيمي، وهو ما جعله يتبنى تعليلا سيئا وناقصا وغير مرتكز على أساس؛ لكونه اعتبر أن « إمكانية بطلان المقرر التحكيمي في بلد المنشأ وهو أمر يبقى احتمالي إذا ما اعتبرنا اتفاق طرفي الدعوى على إخضاع منازعتهم لغرفة التجارة الدولية بباريس والتي بحسب نظامها الداخلي تنص على أن جميع المقررات التحكيمية تكون نهائية وغير قابلة لأي وجه من أوجه الطعون ….. والمحكمة مصدرة القرار المطعون فيه سمحت لنفسها بالبت، ولو ضمنيا، في مآل الطعن بالبطلان المرفوع أمام محكمة أجنبية تبقى هي المختصة وفق قانونها الداخلي سواء في الموضوع أو المسطرة، وهو ما لا علاقة له بالمعايير الموضوعية التي يتعين الركون إليها في شأن جدية أسباب الطعن بالبطلان من أجل تبرير الأمر بإيقاف البت في دعوى التذييل بالصيغة التنفيذية طبقا للمادة 6 من اتفاقية نيويورك. والحال أنها لم تبرز من أين استفت وعلى أي أساس موضوعي وأي معيار جدي أن بطلان الحكم التحكيمي في بلد المنشأ يبقى أمرا احتماليا على حد تعبيرها. ومن ناحية أخرى، فإنها وفي إطار نظرها في طلب التذييل بالصيغة التنفيذية، لا يتأتى لها الحسم في نهائية الحكم التحكيمي وعدم قابليته للطعن بالبطلان، لكون محكمة الاستئناف بباريس هي فقط ولوحدها من يتوفر على سلطة الحسم في مدى اختصاصها ومدى قبول الطعن بالبطلان من عدمه. وبذلك فالقرار المطعون فيه قد تجاهل أوراق الملف، بل المحكمة مصدرته لم تطلع على مذكرات الطالبين وتمحصها، مفضلة البت في الملف بسرعة …. علما أن المطلوبة سبق أن أثارت بناء على نظام التحكيم لغرفة التجارة الدولية بباريس، تنازلا وهميا للطالبين عن حقهم في الطعن بالبطلان ضد الحكم التحكيمي. فبغض النظر عن كون البت في صحة هذا التنازل أو وجوده أصلا من عدمه موكولة لمحكمة الاستئناف بباريس المعروض عليها الطعن بالبطلان، إلا أن الطالبين سيبرزون أن هذا الدفع، الذي تبناه القرار المطعون فيه دون سند من القانون، يبقى مجردا من الأساس القانوني؛ لكون المطلوبة واجهت الطالبين بمقتضيات الفصل 1522 من قانون المسطرة المدنية الفرنسي الذي اكتفت بسرده متناسية التطبيق الذي خصه به الاجتهاد القضائي الفرنسي، بل وتجاهلت ومعها القرار المطعون فيه الشرط الجوهري الذي ينص عليه صراحة الفصل المذكور …. فشرط التحكيم المضمن في العقد المؤرخ في 6 ماي 2016 من خلال البند 7.2 منه المحتج به من طرف المطلوبة، لن يسعف فيما انتهى إليه عن خطأ القرار المطعون فيه، لأن البند المذكور لم يتضمن أي تنازل صريح وخاص من طرف الطالبين في شأن ممارسة الطعن بالبطلان ضد الحكم التحكيمي الذي سيصدر؛ علما أن الفصل 461 من قانون الالتزامات والعقود ينص على أنه » إذا كانت ألفاظ العقد صريحة امتنع البحث عن قصد صاحبها « ؛ وبذلك فإن التأويل لا يتأتى في ظل صراحة البند 7.2 المذكور، وبالتالي لا يمكن استنتاج تنازل ولو ضمني عن الطعن بالبطلان من الصياغة المستعملة فيه؛ خاصة وأن التنازل عن الحق لا يستنتج، بصريح الفصل 467 من قانون الالتزامات والعقود الذي ينص على أن » التنازل عن الحق، يجب أن يكون له مفهوم ضيق، ولا يكون له إلا المدى الذي يظهر بوضوح من الألفاظ المستعملة ممن أجراه، ولا يسوغ التوسع فيه عن طريق التأويل.. والعقود التي يثور الشك حول مدلولها، لا تصلح أساسا لاستنتاج التنازل منها .. ثم إن ما قيل في شأن البند 7.2 أعلاه من العقد المؤرخ في 6 ماي 2016، يسري بالتأكيد على نظام التحكيم لغرفة التجارة الدولية من خلال المادة 34/6 من ذلك النظام الذي يشير إليه القرار المطعون فيه، على اعتبار أن تلك المادة لم تتضمن أي إشارة إلى الطعن بالبطلان بصفة خاصة وصريحة، وبالتالي يمتنع بناء عليها استنتاج تنازل مزعوم من طرف الطالبين عن مزاولة الطعن بالبطلان ضد الحكم التحكيمي؛ خاصة وأن صياغة الفصل 1522 من قانون المسطرة المدنية الفرنسي كفيلة بالوقوف على التعليل السيء للقرار المطعون فيه وعدم ارتكازه على أساس على اعتبار أنها تتضمن شرطا جوهريا في شأن قبول تنازل الأطراف عن حق الطعن بالبطلان ضد الأحكام التحكيمية؛ حيث إن الفصل 1522 يشير صراحة إلى « Par convention spéciale… » أي بمقتضى اتفاق خاص، يمكن للأطراف التنازل عن الطعن بالبطلان والمحكمة مصدرة القرار المطعون فيه لم تتأكد من تضمين ملف النازلة لأي اتفاق خاص يمكن أن يستنتج منه تنازل الطالبين الصريح عن حقهم في ممارسة الطعن بالبطلان ضد الحكم التحكيمي؛ مما لا يمكن معه مسايرة ما انتهى إليه الصفحة 60 منه في شأن استنتاج خاطئ لوجود تنازل عن الطعن ضد الحكم التحكيمي سواء من خلال المادة 7 من العقد أو المادة 28 من نظام التحكيم لغرفة التجارة الدولية، لتعارضهما مع نص الفصل 1522 من قانون المسطرة المدنية الفرنسي الذي يفرض صراحة اتفاقا خاصا يفيد التنازل الصريح عن الطعن بالبطلان ولا يمكن للقرار المطعون فيه أن يبرر عدم استجابته الملتمس إيقاف البت بعلة عدم سلوك الطالبين لمساطر أخرى أمام القضاء الفرنسي من قبيل طلب إيقاف تنفيذ الحكم التحكيمي، خاصة وأن سلوك تلك المساطر لا يشكل شرطا حسب المادة 6 من اتفاقية نيويورك لسنة 1958 ؛ إذ في الوقت الذي يصرح فيه القرار المطعون فيه الصفحة 51 منه من كون الاستجابة لطلب إيقاف البت يبقى مقيدا بتحقيق عدد من الشروط… »، يتناقض مع هذا التصريح من خلال الصفحة الموالية (52) ويصرح بأن اتفاقية نيويورك لم تضع أي معيار للاستجابة لطلب إيقاف البت…. كما أنه لا يمكن مجاراة القرار الطعون فيه في تحميل الطالبين مسؤولية سير المسطرة أمام محكمة الاستئناف بباريس واستنتاج تخاذل غير ثابت وغير قائم من جانبهم في بذل العناية اللازمة، مادام قد ثبت تصريحهم بالطعن بالبطلان أمام محكمة الاستئناف باريس وإدلائهم وفق القانون الإجرائي الفرنسي بمذكرة بيان أوجه ذلك الطعن، التي أدلي بنسخة منها لمحكمة الاستئناف التجارية، ولا دليل على أن تلك المذكرة قد قدمت خارج الأجل أو أن الطالبين كانوا مطالبين بتقديمها في وقت محدد دون غيره. فالقرار المطعون فيه استند على واقعة غير ثابتة وغير مؤثرة، اعتمد من خلالها مراعاة مصلحة طرف دون الآخر، عندما اعتبر أن التأخير في البت كان سيمس بحقوق ومصالح الطرف الذي يستفيد من الحكم التحكيمي؛ وهذا يشكل تناقضا آخر للقرار المطعون فيه الذي سبق له أن عاب على الطالبين عدم سلوك مسطرة إيقاف تنفيذ الحكم التحكيمي أمام القضاء الفرنسي، ليأتي بعد ذلك ويتحدث عن المدة الطويلة للبت في الطعن بالبطلان مخافة الإضرار بمصالح المطلوبة، والحال أن إيقاف التنفيذ في فرنسا كان سيؤدي إلى إيقاف البت في الطعن وبالبطلان. علما أن مصالح المطلوبة كانت محفوظة بدليل الحجوز التحفظية والحجوز لدى الغير التي كانت تستفيد منها من أجل ضمان مبلغ 163.420.278,68 درهم، وهو المبلغ الذي يتجاوز بأضعاف مبلغ الحكم التحكيمي (77.046.242,76 درهم … وأن معيار الوقت والمدة الزمنية للبت غير منصوص عليه مطلقا ضمن المادة 6 من اتفاقية نيويورك، كما أنه معيار غير موضوعي فسوء التعليل وعدم الارتكاز على أساس، جعل القرار المطعون فيه يختفي وراء ما أسماه دون سند » تأخير لنتيجة الطعن بالبطلان »، التي اعتبرها . هكذا حتمية « ، إضافة إلى حكمه على نوايا الطالبين في شأن ما أسماه إخفاء الموجودات وتبديدها. والحال أن من آثار الحجز التحفظي طبقا للفصل 453 من ق م م هو وضع القضاء يده على المنقولات والعقارات ومنع المدين من التصرف فيها، إضافة إلى اعتبار كل تصرف باطلا وعديم الأثر … الأمر الذي يتعين معه نقض القرار المطعون فيه.
كما أن القرار المطعون فيه تطرق لملتمس إيقاف البت كذلك من خلال تعليله الوارد ضمن الصفحتين 27 و 28 منه ؛ حيث بالفعل، فقد أثار الطالبون أمام محكمة الاستئناف التجارية سواء بمقتضى المذكرة المدلى بها خلال جلسة 20 فبراير 2019 أم تلك المدلى بها خلال جلسة 6 مارس 2019، عدم قبول طلب تذييل الحكم التحكيمي بالصيغة التنفيذية المتخذ من كون الطلب المذكور سابق لأوانه؛ حيث أسس الطالبون هذا السبب على كون الحكم التحكيمي لم يكتسب بعد الصبغة الإلزامية بين الطرفين بفعل الطعن فيه بالبطلان أمام محكمة الاستئناف بباريس باعتبارها المحكمة التي صدر في دائرة نفوذها الحكم التحكيمي المعني؛ وتعزيزا لهذا السبب، استشهدوا بحكم صادر عن المحكمة التجارية بالرباط بتاريخ 22 أبريل 2013 تحت عدد 507 في الملف رقم 2019/3/136، جاء فيه …. تأسيسا عليه فإن الإطار القانوني للطلب هو اتفاقية نيويورك وهي التي ينبغي مناقشة النازلة في إطارها … وردت المدعى عليها الطلب بعلة أن المقرر التحكيمي موضوع طعن بالبطلان أمام محكمة الاستئناف بباريس يفقده قوة الشيء المقضي به ويجعله غير قابل للتنفيذ.. وأن المادة الخامسة من اتفاقية نيويورك نصت على أنه لا يرفض طلب الاعتراف والتذييل إلا اذا قدم الطرف المطلوب مما يثبت توفر أحد الأسباب المذكورة فيها على سبيل الحصر ومنها أن الحكم لم يصبح بعد ملزما للأطراف أو أنه أبطل أو أوقف العمل به من السلطة المختصة، صدر فيه الحكم طبقا لقانون ذلك البلد.. وأن الطعن بالبطلان في الحكم التحكيمي المطلوب تنفيذه يفقد صفة الإلزام بحق الأطراف.. كما أن اتفاقية نيويورك تناولت مسالة دعاوى بطلان أو إيقاف العمل بقرارات التحكيم الجارية بالبلد الذي صدر فيه المقرر التحكيمي ومدى تأثيرها على طلب التذييل المقدم في بلد آخر إذ نصت المادة السادسة على أنه إذا قدم طلب لبطلان أو إيقاف العمل بقرار التحكيم إلى السلطة ذات الاختصاص بموجب المادة الخامسة الفقرة (أ) فيجوز للمحكمة التي قدم لها طلب تنفيذ قرار التحكمي إذا رأت من المناسب أن تؤجل إعطاء القرار بشأن تنفيذ قرار التحكيم كما يمكنها بناء على طلب الفريق طالب التنفيذ أن تأمر بتقديم كفالة .. وأن الغاية من هذا المقتضى الذي جاءت به اتفاقية نيويورك هو أن قاعدة حرمان المقررات التحكيمية التي تم إبطالها أو إيقافها بالبلد الذي صدرت فيه، لا يتم خرقها بالتنفيذ السريع للمقرر بدولة أخرى مع أن الدعوى البطلان أو الإيقاف مازالت جارية في البلد الذي صدر فيه المقرر التحكيمي. وتماشيا مع المادة السادسة أعلاه، فإن المحكمة التي قدم إليها طلب تنفيذ قرار التحكيم يجوز لها أن تؤجل إعطاء الصيغة التنفيذية للمقرر التحكيمي إذا رأت ذلك مناسبا، بمعنى أن المحكمة تراقب مدى جدية دعوى بطلان أو إيقاف العمل بقرار تحكيم مقدم إلى السلطة ذات الاختصاص بموجب المادة 5 الفقرة أ، وأنه في نازلة الحال فإن الأسباب المتمسك بها بدعوى البطلان المقدمة من طرف المدعى عليها أمام محكمة الاستئناف بباريس تجعل من المناسب انتظار مآل هذه الدعوى. وحيث وتأسيسا عليه فإن الحكم التحكيمي لم يكتسب بعد صفة الإلزام بحق الطرف المدعي فيه نتيجة الطعن فيه بالبطلان استنادا إلى أسباب جدية وجب مراعاتها وذلك بانتظار مآل دعوى البطلان تماشيا مع روح المادة السادسة من اتفاقية نيويورك مما يتعين معه التصريح بعدم قبول الدعوى ». والطالبون اعتبروا أن التعليل القانوني الصائب المشار إليه أعلاه، الذي روعي فيه نص وروح المادتين 5 و 6 من اتفاقية نيويورك، كفيل بالتأكيد لدحض موقف المطلوبة وبالتالي الاستجابة للملتمس الرامي أساسا إلى التصريح بعدم قبول الطلب لكونه سابق لأوانه، واحتياطيا إلى التصريح بإيقاف البت إلى حين بت محكمة الاستئناف بباريس في الطعن بالبطلان المرفوع أمامها. كما اعتبر الطالبون أن الحكم المشار إليه قد راعى في تعليله السليم نص وروح المادتين المذكورتين من اتفاقية نيويورك. غير أن القرار المطعون فيه لم يتطرق مطلقا لمضمون الحكم المستدل به ولم يناقشه البتة؛ ذلك أن الإطار القانوني لطلب التذييل بالصيغة التنفيذية هو اتفاقية نيويورك المؤرخة في 10 يونيو 1958 التي انضم إليها المغرب وصادق عليها ؛ والتي تنص المادة 5 منها على أن » رفض الاعتراف بالمقرر التحكيمي وتنفيذه، وليس إيقاف البت، يكون مبررا، إذا قدم الطرف المحتج ضده بالمقرر التحكيمي (أي الطالبون للمحكمة المختصة (محكمة التذييل بالصيغة التنفيذية) ما يثبت أن القرار لم يصبح بعد ملزما للطرفين أو أنه نقض المقصود التصريح بالبطلان أو أوقف تنفيذه من قبل سلطة مختصة في البلد الذي صدر فيه أو بموجب قانون هذا البلد ».
كذلك أكد الطالبون المحكمة الاستئناف التجارية أن المقرر التحكيمي المراد تذييله بالصيغة التنفيذية غير مشمول بالنفاذ المعجل، وأنهم أثبتوا طعنهم بالبطلان ضد ذلك المقرر أمام محكمة البلد الذي صدر فيه، وبالتالي فإنه لم يصبح بعد ملزما للطرفين؛ مما ينزع الطعن بالبطلان عن الحكم التحكيمي طابعه الإلزامي بصريح الفقرة » -1- هـ » من المادة 5 من اتفاقية نيويورك. كما أنه إعمالا للمادتين 5 و 6(أ-1) من اتفاقية نيويورك، فإن المحكمة التي قدم إليها طلب تذييل حكم تحكيمي دولي بالصيغة التنفيذية، يجوز لها أن تؤجل البت فيه إذا رأت ذلك مناسبا، بمعنى أن المحكمة تراقب مدى جدية دعوى البطلان؛ وعليه، تمسك الطالبون أنه في ظل عدم اكتساب الحكم التحكيمي للصبغة الإلزامية بفعل الطعن فيه بالبطلان، من ناحية، ومادام أن الطعن بالبطلان مؤسس على أسباب أكثر من جدية، من ناحية أخرى، فإنه يتعين الاستجابة لملتمس إيقاف البت إعمالا لمقتضيات اتفاقية نيويورك خاصة الفقرة » -1- هـ » من المادتين 5 و 6 التي تحيل مباشرة وبشكل صريح على المادة (5 (1) (هـ)… علما أن الحجوز التي تستفيد منها المطلوبة مجتمعة، أي 15 حجزا تحفظيا، كلها كانت قائمة أثناء سريان المسطرة سواء ابتدائيا أم استئنافيا ومجموع المبلغ المضمون بمقتضى تلك الحجوز محدد في 163,420,278,68 درهم، وهو ما يجعل مصلحتها محفوظة خاصة في ظل ما ينص عليه الفصل 453 من ق م م. غير أن محكمة الاستئناف التجارية لم تراع هذه المعطيات الموضوعية والجدية، فجاء قرارها ناقص وسيء التعليل المنزل منزلة انعدامه.
أيضا فقد ردت محكمة الاستئناف التجارية هذا الدفع بعلة أن « نص المادة الخامسة (أ هـ) من اتفاقية نيويورك المؤرخة في 10 يونيو 1958 أنه لم يربط إلزامية أو عدم إلزامية القرار التحكيمي بالطعن بالبطلان… ذلك أن المادة أعلاه منحت المحكمة الاعتراف والتنفيذ الجوازية والصلاحية فقط ولم تنص على ضرورة فرض الاعتراف بالقرار وتنفيذه وهذه الإمكانية مرتبطة بتحقيق أحد الشروط المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة أعلاه وهي إما أن يكون القرار غير ملزم للطرفين أو أنه نقض أو أوقف تنفيذه من قبل بلد المصدر « ؛ والحال أن الطالبين لم يدفعوا مطلقا في هذا الإطار برفض طلب التذييل بالصيغة التنفيذية، بقدر ما تمسكوا بإيقاف البت في ذلك الطلب إلى حين بت محكمة الاستئناف بباريس في الطعن بالبطلان؛ معتبرين أن عدم إلزامية الحكم التحكيمي نابع بالضبط من ممارستهم للطعن بالبطلان، وهو ما تنص عليه المادة 5 (أ/1) من اتفاقية نيويورك؛ وبذلك فسوء التعليل الذي اعترى القرار المطعون فيه نابع من كونه قد اعتبر دون سند أن المادة الخامسة (أ/1) لم تربط إلزامية أو عدم إلزامية المقرر التحكيمي بالطعن فيه بالبطلان، وهو ما لم يقل به أحد؛ إذ أن المادة المذكورة تشير إلى إثبات الطرف المواجه بطلب التذييل بالصيغة التنفيذية (الطالبون أن المقرر التحكيمي لم يصبح بعد ملزما للطرفين، وهو ما تم بالفعل بمقتضى الطعن بالبطلان الرائج أمام القضاء الفرنسي المختص نوعيا ومكانيا؛ ثم إن الصلاحية والجوازية الموكولة لقاضي التذييل بالصيغة التنفيذية تفرض عليه في ظل ثبوت الطعن بالبطلان، أي عدم إلزامية المقرر التحكيمي، أن يبحث في جدية أسباب الطعن ووجاهتها ومدى قابليتها للاستجابة من طرف المحكمة المختصة؛ لكون الجوازية إن كانت تعني صلاحية الاستجابة أو رفض طلب إيقاف البت، إلا أنها لا يمكن أن تعني مطلقا إعفاء المحكمة من التعليل وإبراز أوجه رفض ذلك الملتمس وبيان المعايير الموضوعية التي بني عليها قرارها في هذا الصدد، وهو الأمر المتخلف في القرار المطعون فيه؛ الذي اعتبر أنه من ضمن الشروط المنصوص عليها ضمن الفقرة 2 من المادة 5 من اتفاقية نيويورك، أن يكون المقرر التحكيمي غير ملزم للطرفين، إلا أنه لم يبرز ولم يناقش إن كان الطعن بالبطلان الثابت ممارسته، يشكل تحقيقا لذلك الشرط من عدمه على النحو الذي تمسك به الطالبون صراحة. كما أنه أورد ضمن تعليله » (الصفحة 59 منه ما نصه » أن بعض المحاكم تعتبر أن إلزامية حكم تحكيمي مرتبط بقانون بلد مصدر أو المنشأ والبعض الآخر من المحاكم يعتبرها ملزمة إذا لم تعد قابلة لأي وسيلة من وسائل الطعن العادي … » وبمفهوم المخالفة، فإن الطعن بالبطلان، وهو طعن عادي في مادة التحكيم الدولي، يفقد الطابع الإلزامي للحكم التحكيمي، وبالتالي يتحقق الشرط موضوع المادة 5 من اتفاقية نيويورك، الذي يضاف إليه استفادة المطلوبة من عدة حجوز تحفظ حقوقها ومصالحها.
ومن ناحية أخرى، ذهب القرار المطعون فيه إلى تقييم نوايا الطالبين ونعتهم بالتخاذل وعدم بذل العناية اللازمة، والحال أنهم تقيدوا بالقانون الإجرائي الفرنسي الذي يبيح التصريح بالطعن بالبطلان لدى كتابة الضبط داخل الأجل المحدد لذلك، قبل أن يبادروا إلى إيداع مذكرة بيان أوجه ذلك الطعن، وهو ما تم بالفعل وأدلي بما يفيد ذلك ضمن أوراق ملف الدعوى الصادر في شأنها القرار المطعون فيه؛ وكان على محكمة الاستئناف التجارية أن تبرر رفضها، بالتطرق للمعيار الموضوعي، وهو جدية أسباب الطعن بالبطلان ومدى توفر ضمانات أو حتى الأمر بتقديم ضمانة معينة، لا أن تقف عند أجل ممارسة ذلك الطعن، الذي لا دخل للطالبين فيه، على اعتبار أنه مرتبط بإجراءات مسطرية تخص القانون الفرنسي، ولا دليل على أنهم خالفوها، أو تجاوزوا الأجل المعتمد مسطريا في ذلك أو حتى الأجل المعمول به واقعا. وإثباتا لحسن نية الطالبين، فقد أدلوا رفقة مذكرتهم لجلسة 20 فبراير 2019 بتقرير خبرة منجز من طرف يوسف (ز) مؤرخ في 14 فبراير 2019 انصب حول تحديد القيمة السوقية لشركة « (م) » إضافة إلى قيمة مساهمة محمد (ق) في رأسمالها؛ ومشيرين إلى الاستنتاج الذي انتهى إليه الخبير الذي خلص إلى أن « القيمة الإجمالية لشركة (م) بتاريخ إنجاز الخبرة (14 فبراير 2019) محددة في مبلغ 729,65 مليون درهم وأن قيمة 95% هي النسبة التي يملكها محمد (ق) في رأسمال الشركة المذكورة محددة في مبلغ 693,17 مليون درهم؛ مؤكدين تبعا لذلك أن الدين المؤقت للمطلوبة بمقتضى الحكم التحكيمي، لا يتجاوز مبلغ 77.046.242,76 درهم؛ وبناء على التقرير أعلاه، الذي لم يكن محل أي طعن من طرف المطلوبة، فإن « حقوق » هذه الأخيرة مضمونة ولا خوف أبدا من إعسار الطالبين … الأمر الذي ينفي ويبعد أي ضرر قد يحصل للمطلوبة. ومن أجل استبعاد هذا السبب، اعتبر القرار المطعون فيه أن التقرير المذكور وما خلص إليه، لا يشكل الضمانة التي نصت عليها المادة 6 ولا يمكن أن يمنع الطالبين من التصرف في الأصول. والحال أن الطالبين لم يقدموا التقرير المذكور كونه ضمانة في حد ذاته، بقدر ما أبرزوا أن قيمة الشركة المذكورة ومساهمة محمد (ق) فيها، تفوق بكثير دين المطلوبة، علما أن أسهم تلك الشركة كانت موضوع حجز لفائدة المطلوبة. كما أن المادة 6 من اتفاقية نيويورك لم تنص مطلقا على أي ضمانة محددة بالذات بقدر ما تضمنت فقط الإمكانية المتاحة لقاضي التذييل بالصيغة التنفيذية في أن يقرن إيقاف البت بضمانة يحددها هو حسب الظروف والأحوال. والقرار المطعون فيه عندما يتحدث عن » التصرف » في الأصول، تناسى ما نص عليه الفصل 453 من قانون المسطرة المدنية الذي يجعل من آثار الحجز التحفظي وضع يد القضاء على المنقولات والعقارات التي انصب عليها ويمنع كل تصرف فيها، بل ويجعله باطلا وعديم الأثر. وبذلك يكون القرار المطعون فيه قد جاء ناقص وسيء التعليل المنزل منزلة انعدامه وغير مرتكز على أساس الأمر الذي واعتبارا لكل ما ذكر أعلاه التصريح بنقضه.
لكن حيث إن المادة 6 من معاهدة نيويورك لسنة 1958 المتعلقة بالاعتراف بالقرارات التحكيمية وبتنفيذها تنص على ما يلي إذا طلب إلغاء القرار أو تعليقه من السلطة المختصة المذكورة في المادة الخامسة الفقرة – 1 هـ ، يمكن للسلطة التي تم التذرع أمامها بالقرار، أن ترجئ البت في تنفيذه، إذا وجدت ذلك مناسبا. كما يمكنها بناء على طلب الفريق الذي يطلب تنفيذ القرار، أن تأمر الفريق الآخر بتقديم ضمانات ملائمة؛ المقتضى الذي يفيد بأن إيقاف البت ليس إلزاميا للجهة التي تنظر في طلب تذييل المقرّر التحكيمي بالصيغة التنفيذية، بل هو إمكانية تخضع لسلطتها متى قدرت أن ذلك مناسبا. والمحكمة مصدرة القرار المطعون فيه التي ردت طلب إيقاف البت بتعليل جاء فيه … بالإضافة إلى نص المادة السادسة لا يلزم المحكمة بأن توقف البت بل جعلها إمكانية وللمحكمة كامل الصلاحية في عدم الأخذ بها حتى ولو قدم طلب بشأنها ونظرا لصيغة الجواز فللمحاكم الصلاحية التقديرية في وقف البت من عدمه… وأن اتفاقية نيويورك لم تضع أي معيار للاستجابة لطلب إيقاف البت وأن المحكمة التي تبت في استئناف الأمر الذي قضى بتذييل المقرر التحكيمي لها كامل الصلاحية لمنح الإيقاف من عدمه…)) تكون قد طبقت المادة 6 المنوه عنها بشكل سليم، مادام أن إيقاف البت هو مجرد مكنة منحت للجهة التي تنظر في طلب تذييل الحكم التحكيمي بالصيغة التنفيذية، في إطار سلطتها التقديرية. وأن ما ورد في تعليل القرار من أن الطالبين لم يثبتوا أن دعوى بطلان المقرر التحكيمي قدمت لدى الجهة المختصة وبأن بطلان الحكم التحكيمي في بلد المنشأ يبقى أمرا احتماليا وبأن الطالبين لم يسلكوا مساطر أخرى أمام القضاء الفرنسي وما ورد بشأن إخفاء الموجودات وتبديده، هو مجرد تزييد في التعليل يستقيم القرار بدونه، ما دام أن ما كان معروضا على المحكمة هو طلب التذييل الذي يخضع لمقتضيات اتفاقية نيويورك لسنة 1958، وليس الطعن بالبطلان الذي يخضع لقانون السلطة القضائية التي قدم إليها. كما أن المحكمة وهي تنظر في طلب التذييل لم تكن مؤهلة لمراقبة مدى سلامة وجدية الأسباب التي أقيمت عليها دعوى البطلان الحكم التحكيمي ولا التأكد من وجود تنازل صريح عن الطعن في الحكم التحكيمي بالبطلان، مادام أن ذلك مخول للجهة التي تنظر في دعوى البطلان دون غيرها. كما لم تكن ملزمة بمجاراة الطالبين في تمسكهم بكون المطلوبة تستفيد من حجوزات وضمانات متعددة تفوق المبلغ المحكوم به ، ولا القول تلقائيا بوجود ضمانات، مادام ثبت لها أن المطلوبة التمست بمناسبة تقديم طلب الإيقاف، تفعيل مسألة الضمان عملا بالمادة 6 من اتفاقية نيويورك لسنة 1958 وأن الطالبين رفضوا تقديمها، مما جعلها (أي المحكمة) تعتبر صوابا أن إمكانية الاستجابة إلى طلب إيقاف البت غير متأتية انسجاما مع مقتضيات المادة 6 المذكورة. وتعليلها هذا فيه رد على الدفوع المثارة بشأن سلطة المحكمة في إيقاف البت والنعي بهذا الخصوص خلاف الواقع.
وبخصوص الدفع بعدم قابلية الحكم التحكيمي للتنفيذ، للطعن فيه بالبطلان أمام المحكمة التي صدر في دائرتها، فإن المحكمة ردّته بتعليل جاء فيه … هذا بالإضافة إلى أنه لا وجود لأي مقرر لتنفيذ المقرر التحكيمي في بلد المنشأ عن السلطة المختصة، خاصة وأن القانون الفرنسي ينص في المادة 1496 على أن الاستئناف والطعن بالبطلان يوقفان التنفيذ ما لم يكن مقرر التحكيم مشمول بالنفاذ المعجل، وما دام أن الطرف المستأنف قد أقام دعوى البطلان أمام القضاء الفرنسي، ومادام أن المقرر التحكيمي غير مشمول بالنفاذ المعجل، فإنه كان على المستأنفين الإدلاء بما يفيد تفعيل إمكانية إيقاف التنفيذ في بلد المنشأ خاصة وأن اتفاقية نيويورك لم تضع أي معيار للاستجابة لطلب إيقاف البت وأن المحكمة التي تبت في استئناف الأمر الذي قضى بتذييل المقرر التحكيمي لها كامل الصلاحية لمنح الإيقاف من عدمه…)) وهو تعليل تضمن ردا على الدفوع المتصلة بعدم قابلية الحكم التحكيمي للتنفيذ، كما أنه يساير صحيح القانون مادام أنه طبقا للفقرة هـ من المادة 5 من اتفاقية نيويورك تلزم الطرف الذي يواجه بطلب التذييل أن يقدم للجهة المعروض عليها، إثباتا على أن الحكم التحكيمي لم يصبح بعد ملزما للأطراف بسبب تعليقه على يد سلطة مختصة في البلد الذي صدر فيه القرار أو البلد الذي صدر بموجب قانونه، وهو الأمر الذي لم يثبته الطالبون، وبذلك لم تكن المحكمة ملزمة بمناقشة الحكم التجاري المستدل به مادام أنها اعتبرت أن اتفاقية نيويورك لم تضع معيارا للاستجابة لطلب إيقاف البت.
وبخصوص دفع الطالبين بكون حقوق المطلوبة مضمونة استنادا إلى تقرير الخبرة المستدل به، فقد ردّته المحكمة بتعليل جاء فيه … هذا فضلا على أن تقرير الخبرة المنجز من طرف الخبير القضائي بمراكش يوسف (ز) وإن كان يثبت القيمة السوقية لشركة (م) إضافة إلى قيمة مساهمة محمد (ق) في رأسمال هذه الشركة، فلا يمكن أن تشكل الضمانة التي نصت عليها المادة السادسة .)) التعليل الذي يتجلى منه أن المحكمة حين اعتبرت أن الخبرة المحتج بها هي مجرد تقييم لشركة (م) ولقيمة مساهمة محمد (ق)، مستخلصة من ذلك، أنها لا تشكل الضمانة المناسبة المقررة بموجب المادة 6 المشار إليها أعلاه، تكون قد قدرت بما لها من سلطة، الحجج المعروضة عليها، مطبقة بشكل سليم مقتضيات المادة 6 من اتفاقية نيويورك لسنة 1958 ، مادام ثبت لها وفق ما سبق بيانه أعلاه، أن المطلوبة التمست بمناسبة تقديم طلب الإيقاف، تفعيل مسألة الضمان عملا بالمادة 6 من اتفاقية نيويورك لسنة 1958 وأن الطالبين رفضوا تقديمها، ومادام أن ما تم الاستدلال به اعتبرته مجرد تقييم الأصول شركة والمساهمين فيها وليس بضمانة. وأن ما ورد بتعليلها » ولا يمكن أن تمنع مالكي هاته الأصول من التصرف فيها » مجرد تزييد في التعليل يستقيم القرار بدونه. وبذلك جاء القرار المطعون فيه مبنيا على أساس قانوني ومعلل كفاية وبشكل سليم ولم يخرق أي من المقتضيات المحتج بخرقها والوسيلة بفروعها على غير أساس.
في شأن الوسيلة الثانية والوسيلة الثالثة بفروعها:
حيث يعيب الطالبون القرار بعدم الارتكاز على أساس قانوني وانعدام التعليل في شأن عدم الاستجابة لرفض طلب التذييل بالصيغة التنفيذية المتخذ من خرق الحكم التحكيمي للنظام العام الدولي والوطني المتخذ من خرق قانون الصرف المغربي والقانون الضريبي، بدعوى أنه جاء ضمن تعليله أنه » في غياب تعريف تشريعي المفهوم النظام العام الدولي، فإنه يتعين الرجوع إلى الاجتهادات القضائية الوطنية أو المقارنة … »؛ والحال أنه ليس هناك اجتهاد قضائي وطني معتمد من طرف المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه في شأن تعريف النظام العام الدولي.. ثم أنه وبغض النظر عن ذلك، فقد اعتبر القرار المطعون فيه الصفحة 54 منه أن النظام العام الدولي مرتبط بما له علاقة باحترام مبادئ الأخلاق والعدالة الدولية؛ لكن هذا التفسير الضيق لا مجال لإعماله في ظل وجود ما يعرف في أنحاء العالم بالنظام العام الدولي الاقتصادي؛ وأن مسايرة القرار المطعون فيه معناه إقصاء الميدان المالي والاقتصادي من مفهوم النظام العام الدولي وقصره على الأخلاق والعدالة الدولية وهو ما لا يستقيم والمنطق، خاصة وأن موضوع النزاع الذي بت فيه الحكم التحكيمي مرتبط بعمليات الصرف وعملية استثمار تتعلق بعملة أجنبية تجمع أشخاصا مغاربة وأجانب، مما أضفى على التحكيم طابعه الدولي. كما أن القرار المطعون فيه تناقض مع ما سبق أن صرح به، إذ جاء ضمن نفس الصفحة 54 منه، أن النظام العام الدولي هو مجموع القواعد الأخلاقية المعترف بها عالميا في الميدان السياسي والاقتصادي والاجتماعي »، والحال أنه تجاهل حتى موقف المطلوبة التي أدلت بقرار صادر عن محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء الذي اعتبر أن النظام العام الدولي والوطني يتضمن المبادئ الأساسية المتعلقة بالعدالة والأخلاق الحميدة التي تسعى الدولة إلى حمايتها والقواعد والأحكام التي تهدف خدمة المصالح السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية للدول والمتعارف عليها تحت اسم القوانين التوجيهية أو الآمرة مطلقا والالتزامات الدولية التي يجب على الدولة احترامها اتجاه الدول الأخرى أو المنظمات الدولية ». والقرار المطعون فيه لم يتطرق لما أثاره الطالبون ضمن كتاباتهم من بيان خرق الحكم التحكيمي للنظام العام الدولي؛ ذلك أن الاجتهاد القضائي الفرنسي، أكد في عدة مناسبات أن المراقبة المنصبة على الاستثمارات الخارجية، كما هو الشأن في الملف الحالي، تندرج ضمن النظام العام الاقتصادي الدولي؛ بل إن المجتمع الدولي أبرم اتفاقية إنشاء صندوق النقد الدولي التي وقع عليها المغرب؛ وأن النظام الأساسي للصندوق المذكور يمنع على الدول الأعضاء، الحد من فعالية المقتضيات التنظيمية بالصرف الأجنبي، وأن من ضمن أهدافه حسب المادة الأولى من نظامه الأساسي هو تشجيع التعاون المالي الدولي. غير أن القرار المطعون فيه لم يتطرق للدفوع المثارة أعلاه… ومن ناحية أخرى، فإن الطالبين لم يقولوا أبدا أن موضوع دعوى التحكيم هو أسعار العملات على المستوى الدولي، وفي ذلك تحريف من طرف محكمة الاستئناف التجارية لموفقهم وللدعوى، أدى بها إلى سوء تطبيق القانون وانعدام التعليل. فاستناد الطالبين إلى مبدأ سمو الاتفاقيات الدولية على القانون الداخلي طبقا للدستور المغربي جاء من باب بيان ضرورة الامتثال إلى النظام الأساسي لصندوق النقد الدولي باعتبار هذا الأخير مؤسسة دولية، ذلك أن تأسيس صندوق النقد الدولي تم بمقتضى اتفاقية تأسيس دولية والتي عرفت عدة تغييرات وتتميمات؛ وأن المادة 4 من اتفاقية التأسيس الخاصة بالالتزامات المتعلقة بترتيبات الصرف الأجنبي، تنص ضمن القسم 3 منها المتعلق برقابة صندوق النقد الدولي على ترتيبات الصرف الأجنبي، أن الصندوق يشرف على امتثال كل بلد عضو لالتزاماته الواردة في القسم 1 من المادة 4. كما أضافت الفقرة (ب) من القسم 3 من المادة 4 أن الصندوق يمارس رقابة على سياسات أسعار الصرف في الدول الأعضاء، تفرض على جميع الدول الأعضاء تزويد الصندوق بالمعلومات اللازمة لممارسة تلك الرقابة. مما معناه، أن نظام الصرف المغربي بالإضافة إلى كونه يدخل ضمن النظام العام الوطني يندرج ضمن النظام العام الدولي، مادام أن مراقبة ذلك النظام الصرفي موكولة لمؤسسة دولية « صندوق دولي »، وبالتالي فهي تدخل ضمن نظامه القانوني الداخلي ويتعين الأخذ بها بشكل أولوي. كما أن خرق الحكم التحكيمي للنظام العام الدولي مرده، من ناحية، أن المحكمة التحكيمية اعتبرت أن قانون الصرف المعمول به في المغرب لا يدخل ضمن النظام العام الدولي بل إنه يندرج فقط ضمن النظام العام الوطني، ومن ناحية أخرى، فإن تعليل الحكم التحكيمي مؤسس على هذا الاستنتاج الخاطئ في شأن نزع طابع النظام العام الدولي على قانون الصرف المعمول به في المغرب. والحال أن صلاحيات الرقابة التي يمارسها صندوق النقد الدولي على كافة الدول الأعضاء، بصفته مؤسسة دولية مختصة منبثقة عن منظمة الأمم المتحدة … هو معيار حاسم في تكييف جميع القوانين المتعلقة بالصرف المعمول بها وطنيا، لكونها تندرج بقوة القانون ضمن النظام العام الدولي خلافا لما انتهى إليه الحكم التحكيمي وسايره في ذلك عن خطأ القرار المطعون فيه. كما أن ما عابه الطالبون على الحكم التحكيمي في شأن مخالفة هذا الأخير للنظام العام الدولي، هو اعتباره أن قانون الصرف المعمول به في المغرب لا يدخل ضمن النظام العام الدولي، وهو ما يشكل في حد ذاته ولمجرد هذا السبب مخالفة للنظام العام الدولي؛ لأن نظام الصرف المعمول به في المغرب يخضع لمراقبة صندوق النقد الدولي، هذا الأخير الذي يعتبر منظمة دولية تابعة لمنظمة الأمم المتحدة، و يجعل من النظام الصرفي المذكور من صميم النظام العام الدولي، على اعتبار أن المغرب مجبر على احترام التزاماته الدولية لكونه قد صادق على اتفاقية تأسيس صندوق النقد الدولي. ثم أن الثابت قضاء أن الاتفاقيات الدولية التي وقعها المغرب وصادق عليها ونشرها، تسمو على القوانين الداخلية وتسبق في التطبيق على هذه الأخيرة، وهو المبدأ الذي أقره الاجتهاد القضائي المغربي حتى قبل دستور سنة 2011 الذي كرس نفس هذه القاعدة … ؛ وبناء على ما سلف بيانه، فإن تكييف نظام الصرف المعمول به في المغرب كجزء من النظام العام الدولي لا يحتمل أي شك، خلافا لما انتهى إليه القرار المطعون فيه، الأمر الذي يجعل من الهيئة التحكيمية بعدم اعتبارها لنظام الصرف المشار إليه يندرج ضمن النظام العام الدولي، يعتبر في حد ذاته مخالفة للنظام العام الدولي بشكل يجعل من غير الممكن قانونا الاعتراف بالحكم التحكيمي المشار إليه داخل المملكة المغربية طبقا للفصل 327/46 من قانون المسطرة المدنية وللفقرة 5 من الفصل 327/49 من نفس القانون؛ وأن ما خلص إليه القرار المطعون فيه في هذا الصدد، انبنى على تعليل ناقص ينزل منزلة انعدام التعليل.
كذلك فإن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه وقعت في خلط كبير في شأن الرسالتين الصادرتين عن مكتب الصرف المعتمد عليهما بشكل حصري من طرف المحكمة التجارية على النحو المفصل ضمن المقال الاستئنافي للطالبين؛ ذلك أن الحكم التحكيمي قد صدر بتاريخ فاتح غشت 2018، وأن الرسالتين المعتمد عليهما من طرف المحكمة التجارية، ومن بعدها محكمة الاستئناف التجارية مؤرختين في 20 شتنبر 2018 و 10 دجنبر 2018، أي بعد صدور الحكم التحكيمي، وتم الإدلاء بهما من طرف المطلوبة خلال جلسة المحكمة التجارية المنعقدة بتاريخ 11 دجنبر 2018؛ وبذلك لا يفهم ما جاء ضمن آخر الصفحة 54 من القرار المطعون فيه أنه » بالاطلاع على حكم التحكيم تبين للمحكمة أنه لا وجود لأية إشارة تثبت أن هناك وثائق تم الإدلاء بها بعد صدور الحكم بجلسة 11 دجنبر 2018 . والحال أنه لا وجود لأي حكم صادر بتاريخ 11 دجنبر 2018 ، كما أن الطالبين قد أثاروا فقط أن الوثيقتين الصادرتين عن مكتب الصرف مؤرختين في تاريخ لاحق عن تاريخ صدور الحكم التحكيمي؛ ويتجلى من ذلك أن القرار المطعون فيه انطلق من معطيات مغلوطة وفهم غير صائب للنازلة ومستنداتها ووقائعها، مما جعله يتبنى تعليلا سيئا وغير مرتكز على أساس من القانون. فالقرار المطعون فيه أساء تقدير دفع الطالبون عندما اعتبر أن مكتب الصرف يكون أكثر علما بما هو مباح وما هو غير مباح » في ميدان التعامل الصرفي »؛ والحال أنهم عابوا ضمن أسباب الاستئناف كون الأمر الابتدائي رد بعض الأسباب المبررة لرفض طلب تذييل الحكم التحكيمي بعلة فريدة مفادها أن الحكم المذكور لم يخرق قانون الصرف المغربي …. بدليل أن مكتب الصرف بصفته الجهاز القانوني الساهر على حماية العملة الوطنية أكد في رسالتين مؤرختين في 2018/9/20 و 2018/12/10 أنه لا يمانع في تنفيذ مقتضيات الحكم التحكيمي وهو ما يدل على عدم مخالفة هذه المقتضيات للنظام العام الوطني »؛ كما أن القرار المطعون فيه أيد الأمر المستأنف باعتماده حصريا على رسالتين صادرتين عن مكتب الصرف، وهما الوثيقتان المدلى بهما بعد صدور الحكم التحكيمي وبالضبط خلال جلسة المحكمة التجارية المنعقدة بتاريخ 2018/12/11 . محرّفا مضمونهما ، مما أدى به إلى سوء التعليل المنزل منزلة انعدامه؛ ذلك أن الرسالتين الصادرتين عن مكتب الصرف تشيران صراحة إلى أن تنفيذ منطوق الحكم التحكيمي مشروط بصدور أمر قضائي ونهائي يخول الصيغة التنفيذية … ومادام أن مكتب الصرف هو مجرد إدارة له صلاحيات محدودة، فلا يمكن أن تتجاوز سلطة القضاء. ففرض مكتب الصرف من خلال الرسالتين أعلاه الإدلاء بأمر قضائي يخول الصيغة التنفيذية للحكم التحكيمي الدولي، معناه أن المكتب المذكور كان ينتظر من المحكمة أن تقوم بدورها المتمثل بالضبط في مراقبة مدى عدم مخالفة الحكم التحكيمي للنظام العام سواء الدولي أم الوطني، لا أن تتوارى المحكمة التجارية وبعدها محكمة الاستئناف التجارية خلف مكتب الصرف، وتبرر عدم المخالفة للنظام العام الوطني بعلة وتحت ذريعة أن إدارة ما لا تمانع – هكذا. في تنفيذ منطوق حكم تحكيمي دولي !! حيث إن مسايرة » منطق » القرار المطعون فيه معناه أن مكتب الصرف هو الذي خول في حقيقة الأمر الصيغة التنفيذية للحكم التحكيمي، وما تدخل القضاء إلا من أجل » مباركة » قرار مكتب الصرف الذي سبق له أن أجاز تنفيذ الحكم التحكيمي دون البحث في مدى ملائمة هذا الأخير من عدمها للنظام العام الوطني، وهي المهمة الموكولة حصرا للقضاء، الذي يتعين عليه البت فيها ، وإلا اعتبر ذلك إنكارا للعدالة، خلافا لما انتهى إليه القرار موضوع الطعن بالنقض؛ إذ اكتفى بتأييد الأمر الابتدائي الذي اعتمد تبريرا مستندا على رسالتين صادرتين عن مكتب الصرف وكأن أقوال وتصرفات الإدارة محصنة من الخطأ ولا يعتريها أي شطط أو خرق للقانون والمشروعية … ، ومن ناحية أخرى، سبق للطالبين في معرض تطرقهم للرسالتين الصادرتين عن مكتب الصرف المعتمد عليهما من طرف محكمة الاستئناف أن أثاروا انتباه هذه الأخيرة إلى أنه يكفي الاطلاع على الحكم التحكيمي من أجل الوقوف على الإشارات المتعددة التي تضمنها هذا الأخير في شأن علاقة طرفي النزاع مع مكتب الصرف والمراسلات المتعددة المتبادلة بينهما؛ فموقف مكتب الصرف كان يتغير حسب الظروف وتبعا للطرف الذي يبادر إلى مراسلته بين الطالبين والمطلوبة وصلت إلي حد التناقض، وهذا ما خلص إليه الحكم التحكيمي من خلال الفقرتين رقم 145 و 157 منه….
كما دفع العارضون أمام محكمة الاستئناف التجارية بكون ما ورد ضمن الحكم التحكيمي في شأن تناقض وتضارب مكتب الصرف وتأويلاته المتباينة للدورية العامة لعمليات الصرف المؤرخة في 31 دجنبر 2013، كفيل من أجل نزع كل مصداقية عن المراسلتين الصادرتين عنه والمعتمد عليهما دون أي تمييز أو تقييم من طرف القرار المطعون فيه، الأمر الذي يجعل تعليله في هذا الصدد ناقصا وسيئا ينزل منزلة انعدامه..؛ إذ أنه بالاطلاع على المراسلتين المشار إليهما، خاصة تلك المؤرخة في 10 دجنبر 2018، يثبت الطابع النظري والعام المضمون جواب مكتب الصرف مما يؤكد بشكل عدم توفره على المعطيات والوثائق الكاملة التي تبرز الخرق الواضح لقوانين آمرة هي من النظام العام يترتب عنها عقوبات زجرية، بل الأكثر أن نفس مكتب الصرف. الساهر على حماية العملة الوطنية على حد تعبير الأمر الابتدائي والقرار المطعون فيه – سبق له من خلال رسالة صادرة عنه بتاريخ 28 فبراير 2018 موجهة لأحد الطالبين في شخص شركة « (و) » أكد على أنه « … لقد تم الوقوف على أن إجراءات قرض المساهم الممنوح من طرف الشركة الأجنبية « (ت) » لفائدة شركتكم، تتضمن خروقات لنظام الصرف المعمول به… في انتظار نتائج التحقيق المنصب على شركتكم، فإنني أدعوكم إلى وقف كل تحويل الأموال مرتبطة بذلك القرض أو القيام بأي تمويل للخارج ضمن نفس الشروط ». والطالبون أثاروا انتباه محكمة الاستئناف التجارية إلى أن مكتب الصرف قد باشر بالفعل تحقيقا في شأن العقود المبرمة بينهم وبين المطلوبة التي على أساسها صدر الحكم التحكيمي؛ كما تمسكوا بغياب أي دليل على إلغاء القرار موضوع رسالة مكتب الصرف المؤرخة في 28 فبراير 2018 في شأن التوقف الفوري لأي تحويل لفائدة المطلوبة فيما يتعلق بالقرض نظرا لوجود خروقات القانون الصرف. ومن ناحية أخرى، اعتبر القرار المطعون فيه دون أي تعليل أن الحكم التحكيمي لا يتضمن ما يخالف الظهير الشريف المتعلق بزجر المخالفات المتعلقة بالصرف، ودون تفصيل أو بيان لهذا الاستنتاج الخاطئ؛ والحال أن مجرد تنصيص ظهير 21 أكتوبر 1949 المتعلق بزجر ما يرتكب من المخالفات للضابط المتعلق بالصرف على مقتضيات زجرية، دليل قاطع على طابع النظام العام الذي يتميز به نظام الصرف المعمول به في المغرب؛ وفيما يتعلق بالدورية العامة لعمليات الصرف، فإن اكتسابها الطابع النظام العام لا يحتمل أي شك، بل إن الحكم التحكيمي والمطلوبة، يقرآن بكون تلك الدورية تعتبر من النظام العام الوطني؛ والطالبون أثاروا أمام محكمة الاستئناف التجارية بأن الحكم التحكيمي نفسه قد حسم هذه النقطة واعتبر أن نظام الصرف المعمول به في المغرب هو من صميم النظام العام الوطني، وهو بذلك يسمو ويسبق في التطبيق حتى على القانون المتفق عليه عقدا؛ حيث جاء ضمن الفقرة رقم 197 من الحكم التحكيمي ما يلي » في حال وجود تعارض بين القانون الأمر بمفهوم المادة 9 المشار إليها، رغم كونه قانونا أجنبيا، وبين العقد، فإن القانون الأمر يسمو بشكل لا جدال فيه ». كما أن الفقرة رقم 156 من الحكم التحكيمي تشير إلى أن تعريف القانون الأمر (loi de police) حسب ما جاء ضمن المادة (1) 9 من اتفاق روما 1 هو كالتالي: » القانون الأمر هو مقتضى إجباري يعتبر احترامه ضروريا للبلد من أجل الحفاظ على مصالح عامة، كالتنظيم السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي، إلى درجة فرض تطبيقه على كل حالة تدخل ضمن مجال تطبيقه، بغض النظر عن القانون المطبق بمقتضى العقد ». بل إن القرار المطعون فيه قد خالف حتى موقف المطلوبة نفسها وتجاوزه؛ ذلك أنها اعتبرت من خلال القرار المستدل به من جانبها المرفق بمذكرتها المدلى بها خلال جلسة المحكمة التجارية المنعقدة بتاريخ 11 دجنبر 2018 كوثيقة رقم 6 أنه: « لا يمكن اعتبار كون حكما أجنبيا قد أخل بالنظام العام إلا إذا كان الحكم التحكيمي يتعارض مع قواعد أساسية من صميم القانون المغربي … » والقرار المطعون فيه لم يلتفت إلى ما تمسك به الطالبون في هذا الإطار، والذي تم تعزيزه، بما قضت به الغرفة التجارية لمحكمة النقض الفرنسية من خلال القرار الصادر عنها بتاريخ 29 مارس 1994 تحت رقم 91.20.394 …. وما كرّسه الفقه في هذا التوجه….
فالحكم التحكيمي اعتبر أن الدورية العامة لعمليات الصرف تساهم في الاستقرار المالي للبلد وبالتالي يتجلى أن ما انتهى إليه القرار المطعون فيه من عدم اعتبار تلك الدورية، رغم كونها تساهم في الاستقرار المالي للبلد، كقانون إجباري يكتسي طابع النظام العام الوطني، غير مستند على أساس وسيء التعليل المنزل منزلة انعدامه. كما أن المشرع عندما اعتبر أن خرق الحكم التحكيمي الدولي للنظام العام الوطني من الأسباب المبررة لعدم الاستجابة لطلب الاعتراف به وتذييله بالصيغة التنفيذية، فإن كان على وعي بأن الحكم التحكيمي الدولي المعني، يمكن أن ينصب على مصالح خاصة منبثقة من عقد خاضع للقانون الخاص، ومع ذلك قرن الاعتراف به في المغرب بعدم خرق النظام العام الوطني، ولذلك لا يمكن مجاراة تعليل القرار المطعون فيه عندما عاب على الطالبين دفاعهم على مصالحهم الشخصية، في الوقت الذي اعتبر فيه أن نظام الصرف المغربي هو قانون آمر ويطبق بصفة فورية، بل ويساهم في الاستقرار المالي للمغرب إضافة إلى طابعه الزجري. فإن كان ما جاء ضمن تعليل القرار المطعون فيه جائزا، فكيف يمكن تبرير رفض الحكم التحكيمي للطلب الأصلي للمطلوبة القاضي على الطالبيين بالأداء بالأورو، معللا ذلك بكون الأداء بتلك العملة غير القانوني « illégal »، مع العلم أن العقد وإرادة الأطراف اتجهت عقدا نحو قبول الأداء بالأورو… فالتفسير القانوني الوحيد هو بالتأكيد طابع النظام العام الذي تتميز به الدورية العامة لعمليات الصرف والنظام الصرفي بصفة عامة بشكل يجعلها تسبق التطبيق حتى على بنود العقد واتفاق الأطراف، وهو ما لم يراعيه القرار المطعون فيه، فجاء ما انتهى إليه ناقصا وسيء التعليل وغير مرتكز على أساس.
كذلك فالطالبون أثاروا خرق الحكم التحكيمي للنظام العام الوطني المتخذ من خرق الدورية العامة لعمليات الصرف باعتبارها من النظام العام الوطني، خاصة في مادتها الثالثة. غير أن القرار المطعون فيه رد ذلك بتعليل سيء اعتبر من خلاله أن خرق المادة 3 من الدورية العامة العمليات الصرف غير جدي وبأن المادة 3 من الدورية المذكورة تبقى في فقرتها الأولى غير واضحة وبها نوع من الغموض والحال أن المادة 3 من الدورية العامة لعمليات الصرف واضحة ولا تحتمل أي تأويل ولا يعتريها أي غموض من أي نوع؛ إذ أنها جاءت تحت عنوان » عمليات غير مرخص بها » وحددت مجموعة من العمليات التي تعتبرها غير مسموح بها، من ضمنها الالتزامات التي تجعل شخصا مقيما في المغرب مدينا لفائدة شخص آخر غير مقيم في المغرب. فعقد الوعد بالشراء الذي على أساسه قضى الحكم التحكيمي بالحكم على الطالبين بأدائهم تضامنا مبلغ 5.500.000 أورو لفائدة المطلوبة، يدخل بالتأكيد ضمن العمليات غير المسموح بها بقوة القانون على اعتبار أن العقد المذكور ، يجعل الطالبين المقيمين في المغرب، مدينين للمطلوبة التي ليست مقيمة في المغرب. وبناء على ذلك، يكون الحكم التحكيمي قد خرق النظام العام للصرف الذي أقر صراحة بأنه من صميم النظام العام الوطني بشكل يمتنع معه الاعتراف بذلك الحكم التحكيمي في المغرب طبقا للفصل 327/46 وللفقرة رقم 5 من الفصل 327/49 من قانون المسطرة المدنية. كما أن الطالبين وفي نفس السياق، أثاروا أمام محكمة الاستئناف التجارية ودون أي رد من هذه الأخيرة، كون الحكم التحكيمي قد قضى بالحكم عليهم بأداء مجموعة من المبالغ المعبر عنها بعملة أجنبية والجدير بالذكر هو أن الحكم التحكيمي يعترف هو نفسه ببطلان الأداء بالأورو، وهو الاعتراف الثابت من خلال تعليله ضمن الفقرة رقم 193، التي اعتبر فيها أن القانون الأمر الخاص بمكان تنفيذ الالتزام (أي المغرب يجعل التنفيذ بالأورو غير قانوني. كما تمسك الطالبون ضمن أسباب استئنافهم، بأن من ضمن العمليات غير المرخصة وغير المسموح بها بمقتضى المادة 3 من الدورية العامة لعمليات الصرف المؤرخة في 31 دجنبر 2013، يوجد الأداء بالعملات الأجنبية داخل التراب الوطني للمملكة المغربية وتمسكوا أيضا بأن الحكم التحكيمي (الفقرة رقم 262) قضى عليهم على وجه التضامن بأدائهم وفي المغرب لفائدة المطلوبة، غير المقيمة بالمغرب والتي ليس لها أي تواجد قانوني داخله، مجموعة من المبالغ المعبر عنها بعملات أجنبية؛ ذلك أنه وفي الوقت الذي يصرح فيه الحكم التحكيمي الفقرة رقم 195 برفض الطلب الأصلي للمطلوبة في شأن الأداء بالأورو نظرا لطابعه الـلا قانوني طبقا لقانون الصرف المغربي، وهو المبلغ الناتج عن عقد الوعد بالشراء، قضى لفائدتها بالتعويض عن المبلغ الناتج عن ذلك العقد محدد في 550.000 أورو، مؤكدا أن مبلغ التعويض يتعين لزاما أداؤه بالأورو وليس بالدرهم المقابل لتلك العملة المعمول بها يوم التنفيذ؛ وفي هذا الصدد، أثار الطالبون ضمن استئنافهم بأنه كيف يعقل أن يقضي الحكم التحكيمي بإلزامية أداء أصل الدين المحدد في 5.500.000 أورو الناتج عن عقد الوعد بالشراء بالدرهم المغربي مقابل سعر الصرف بتاريخ التنفيذ، ويحكم على الطالبين في نفس الوقت بأداء مبلغ التعويض بالأورو، هذا الأخير الذي لا يعدو أن يكون سوى نتيجة مباشرة لأصل الدين ومتفرع عنه، بل الأكثر من ذلك يؤكد الحكم التحكيمي صراحة على استثناء الدرهم المغربي في شأن أداء مبلغ التعويض المتفرع عن الأصل الذي سيؤدي بالدرهم. كذلك أكد الطالبون أن الأمر لا يقف عند مجرد مبلغ التعويض، بل يتعلق بالمبالغ الأخرى همت فوائد القرض ومصاريف وأتعاب التحكيم التي قضى الحكم التحكيمي على الطالبين بأدائها للمطلوبة على وجه التضامن بعملة أجنبية، دون الإشارة إلى أن الأداء سيتم مقابل سعر الصرف المقابل للدرهم المغربي يوم التنفيذ أو غيره. فالأكيد أن الأداء وفي جميع الأحوال، لا يمكن أن يتم من طرف الطالبين إلا في المغرب.
أيضا تمسك الطالبون أمام محكمة الاستئناف التجارية بكون المطلوبة وبصفتها شركة خاضعة لقانون أجنبي (الجزر العذراء البريطانية) وغير مقيمة في المغرب ولا تتوفر على وجود قانوني داخله، ومادام أن الأداء سيتم حسب الحكم التحكيمي في المغرب، وأن ذلك لن يتأتى قانونا إلا بالدرهم المغربي، فإن الحكم التحكيمي يكون قد خرق مقتضى آخر من مقتضيات المادة 3 من الدورية العامة لنظام الصرف بالمغرب المؤرخة في 31 دجنبر 2013، وخالف بذلك النظام العام الوطني؛ لأن من بين العمليات غير المرخص بها وغير المسموح بها، بمقتضى المادة 3 أعلاه، تلك المتعلقة بفتح حساب بنكي بالدرهم المغربي باسم أجنبي غير مقيم في المغرب. ولما كان ذلك، وفي ظل المنع القانوني المزدوج المنصوص عليه في الفصل 3 المشار إليه …. يكون الحكم التحكيمي قد خالف قاعدة آمرة من النظام العام للصرف.، وهو ما يمتنع معه تذييله بالصيغة التنفيذية أو الاعتراف به داخل المملكة المغربية طبقا للفصل 327/46 وللفقرة 5 من الفصل 327/49 من قانون المسطرة المدنية. والقرار المطعون فيه لم يتعرض مطلقا لهذه الدفوع رغم طابعها الجدي والجوهري، مما يجعله متسما بانعدام التعليل؛ خاصة وأنه صرح بأن مكتب الصرف هو الأكثر علما بما هو مباح وما هو غير مباح في ميدان التعامل الصرفي وكونه هو القائم على تنظيم التعامل الصرفي الصفحة (55) ، ويبرّر في نفس الوقت عدم الأخذ بسبب الاستئناف المتخذ من خرق المادة 3 من الدورية العامة لعمليات الصرف، بدعوى أنها جاءت غامضة وغير واضحة، مع العلم أن محرر تلك الدورية هو نفس مكتب الصرف الأكثر علما ودراية وحرصا على التنظيم الصرفي للمغرب.. والقرار المطعون فيه لم يرد على ما أثاره الطالبون بشأن المادة 757 من الدورية العامة لعمليات الصرف، مما يعتبر انعداما للتعليل والجواب …. مكتفيا فقط بالتحدث عن النزاعات المرتبطة بالعمليات الجارية أو الاعتيادية المطابقة لنظام الصرف المعمول به دون الرد على ما تم التمسك به بشأن المادة المذكورة … ومن أجل الوقوف على العلاقة العقدية التي كانت تجمع بين الطالبين والمطلوبة، فقد فصل الطالبون من خلال مذكراتهم سواء ابتدائيا واستئنافيا موضوع وسبب مختلف العقود المبرمة بينهما؛ بحيث أوضحوا أن كل العقود والاتفاقات التي تم إبرامها لا تشكل عمليات جارية أو اعتيادية أو عمليات استثمار يمكن تنفيذها بحرية أو حتى عمليات تستفيد من ضمان التحويل، وإنما هي مرتبطة ببعضها البعض ولا يمكن تحليلها أو تقييمها إلا كوحدة تعاقدية؛ وعلى هذا الأساس أثاروا أمام محكمة الاستئناف التجارية بأن الحكم التحكيمي، حتى بعد تذييله بالصيغة التنفيذية لا يمكن أن ينفذ استنادا على المادة 757 المنوه عنها أعلاه، التي تشير صراحة بالنسبة للأحكام التحكيمية إلى تلك التي صدرت في شأن نزاعات تهم فقط عمليات جارية أو اعتيادية أو عمليات استثمار تنفذ بحرية والكل طبقا لقانون الصرف المعمول به في المغرب، وبذلك فإن الحكم التحكيمي بت في نزاع لا يهم عمليات جارية أو اعتيادية أو عمليات استثمار تنفذ بحرية بمقتضى قانون الصرف، وهو ما يجعله مخالف للنظام العام الوطني وبالتالي يمتنع معه الاعتراف به أو تذييله بالصيغة التنفيذية طبقا للفصل 327/46 من ق .م .م. غير أن القرار المطعون فيه لم يناقش ما تمسك به الطالبون في شأن مضمون المادة 757 المذكورة رغم، فجاء بذلك منعدم التعليل المبرر لنقضه.
أيضا فإن ما قضى به الحكم التحكيمي من تضامن بالنسبة لشركة (و) » لا علاقة له بالنظام العام الوطني ولا يمس قانون الصرف؛ والحال أن الدورية العامة للعمليات الصرف هي قانون أمر من صميم النظام العام الوطني لارتباطها بالاستقرار المالي للمغرب كما أقر بذلك الحكم التحكيمي نفسه؛ والطالبون ضمنوا أسباب استئنافهم بكون الحكم التحكيمي قضى عليهم بأداء الثمن المقابل لعقد الوعد بالشراء محدد في مبلغ 5.500.000 أورو، وذلك تضامنا فيما بينهم؛ مستندة في ذلك إلى ما أشير إليه بديباجة العقد المبرم مع المطلوبة بتاريخ 6 ماي 2016 والذي تم تعريفه في الحكم التحكيمي في باب » تعريف المصطلحات المستعملة » ؛ معتبرا أن تلك الديباجة تتضمن التزام كافة الطالبين كمدعى عليهم على وجه التضامن لفائدة المطلوبة. والحال أن الديباجة المشار إليها تخلو من أي التزام بالتضامن صادر عن كافة الطالبين؛ ذلك أن مصطلح « Defendeurs » كما عرفه الحكم التحكيمي نفسه يعني الطالبين بصفة مجتمعة وهم: شركة (و) » و شركة (م) و شركة (س) و محمد (ق) ». فديباجة العقد تشير فقط إلى التزام بالتضامن صادر عن كل من شركتي « (م) » و » (س) » إضافة إلى محمد (ق) دون شركة (و) »، مع العلم أن هذه الأخيرة تدخل ضمن تعريف Defendeurs المشار إليه ضمن الحكم التحكيمي، الذي قضى على كافة المدعى عليهم (الطالبين) بالتضامن؛ والطالبون تمسكوا أمام محكمة الاستئناف التجارية بأن عدم ورود شركة (و) » كطرف ملتزم بالتضامن ضمن العقد المستند إليه في تعليل الحكم التحكيمي، معناه أن هذا الأخير قد جعل شخصا معنويا مقيما في المغرب أي شركة (و)، مدينا لفائدة شخص آخر غير مقيم في المغرب، أي المطلوبة، الأمر الذي يعتبر خرقا صريحا للفصل 3 من الدورية المذكورة أعلاه، باعتبارها قاعدة آمرة تستفيد من التنفيذ الإجباري والفوري بصفتها تدخل ضمن النظام العام الوطني، يمتنع معه الاعتراف بالحكم التحكيمي في المغرب أو تخويله بالصيغة التنفيذية والكل طبقا للفصل 46-327 وللفقرة رقم 5 من الفصل 49-327 من قانون المسطرة المدنية وتأسيسا على ما سلف بيانه، وخلافا لما انتهى إليه والقرار المطعون فيه بالنقض من كون التضامن لا علاقة له بالنظام العام الوطني، فإن الحكم التحكيمي عندما قضى على الطالبين بالأداء تضامنا يكون قد خرق الفصل 3 من الدورية العامة لعمليات الصرف التي تعتبر قاعدة آمرة من النظام العام الوطني.
كما أن القرار المطعون فيه اعتبر أن الطالبين تمسكوا بخرق القانون الضريبي، والحال أن كتاباتهم تفند ذلك، لكونهم لم يثيروا خرق القانون الضريبي بقدر ما تمسكوا بأن الحكم التحكيمي بت في نقطة تتعلق بالقانون الجبائي، الأمر الذي يجعله مخالفا للنظام العام الوطني ويحول بالتالي دون الاعتراف به وتذييله بالصيغة التنفيذية؛ ذلك أن الحكم التحكيمي أورد ملتمس المطلوبة الرامي إلى الحكم على الطالبين بأدائهم مبلغ 5.500.000 أورو صافيا من أي ضريبة أو رسم؛ في حين التمسوا، وهذا هو الأهم والذي لم يناقشه القرار المطعون فيه، رفض هذا الطلب بعلة أن الربح المحقق في المغرب من طرف المطلوبة، غير خاضع أصلا للضريبة في المغرب، بل في المملكة المتحدة طبقا للاتفاقية الجبائية الثنائية المبرمة بين المملكة المغربية والمملكة المتحدة … إلا أن الهيئة التحكيمية ارتأت تحميلهم التزام أداء جميع المبالغ التي قضت بها صافية من أي ضريبة؛ وعليه أثار الطالبون أمام محكمة الاستئناف التجارية أن الظاهر من الحكم التحكيمي، خاصة الفقرات من رقم 203 إلى رقم 210 منه، وعلى النقيض لما استنتجه القرار المطعون فيه، أن الهيئة التحكيمية بتت في نقطة غير قابلة للتحكيم، بل هي من صميم السيادة الوطنية للدول، وبالتالي من النظام العام الوطني؛ لأن النقطة المتعلقة بأداء الضريبة كانت نقطة خلافية بين الطرفين انصبت على مبدأ الضريبة من أساسه وعلى عدم التزام الطالبين بها أصلا. فالطالبون احتجوا في هذا الصدد أمام محكمة الاستئناف التجارية بالفقه الفرنسي في شخص الأستاذان كريستوف (س) « و « جيروم (أ) » من خلال مؤلفهما » القانون الداخلي والدولي للتحكيم كما يلي: « … لكن إذا كان الوعاء الضريبي، أو المبلغ أو استحقاق الضريبة موضوع منازعة … لا يتأتى للمحكمة التحكيمية أن تبت في هذه النقط « . كما نازعوا أمام الهيئة التحكيمية في استحقاق المطلوبة للضريبة في المغرب من حيث الأصل والمبدأ، إلا أن الحكم التحكيمي ارتأى تحميلهم ذلك الأداء بالنسبة لكافة المبالغ المحكوم بها في مواجهتهم. والحال أنهم أكدوا أنه لا يمكن مسايرة الحكم التحكيمي في تبريره لما انتهى إليه في هذا الصدد واعتماده على اتفاق الأطراف أو العقد على اعتبار أنه بذلك يكون قد تناقض مع ما سبق وأن اعتمده هو نفسه، إذ اعتبر أن القوانين الأمرة ذات التطبيق الفوري، تقدم في التطبيق حتى على اتفاق الأطراف متمسكين بكون القانون الجبائي أو الضريبي هو من صميم النظام العام لكل بلد ويدخل ضمن السيادة الوطنية، وبالتالي هو قانون أمر من النظام العام لا يحتمل الشك أو المجادلة؛ وعلى النقيض لما انتهى إليه القرار المطعون فيه، فإن الحكم التحكيمي بت في النقطة المتعلقة بالطرف الملتزم بالضريبة ولا علاقة لذلك مع خرق القانون الضريبي كما جاء ضمن القرار المطعون فيه، وهو ما لا يصح أن يدخل أصلا في نطاق التحكيم أو في مهمة المحكمين الذين عليهم أن يبتوا في اختصاصهم بأنفسهم طبقا لمبدأ الاختصاص – الاختصاص، وحتى دون إثارة ذلك من الأطراف.
كذلك أكد الطالبون لمحكمة الاستئناف التجارية أن النقاش لم ينصب على مبلغ الضريبة بل على عدم استحقاقها أصلا وهو ما يخرج عن اختصاص أي هيئة تحكيمية؛ وأنها ردت هذا السبب بعلة أنه » بالرجوع إلى الحكم التحكيمي يتبين أن المدعى عليهم دفعوا كون الربح المحقق من قبل المدعية غير خاضع للضريبة في المغرب ولكن في بريطانيا، ولم يتطرقوا البتة إلى مسألة استحقاق الضريبة أصلا مما تظل معه الوسيلة غير مرتكزة على أي أساس » والحال أنه تعليل ناقص وسيء على اعتبار أن محكمة الاستئناف التجارية وفي الوقت الذي تقر فيه بكون الطالبين تمسكوا بكون الربح غير خاضع للضريبة في المغرب بل في بريطانيا، فإن معنى ذلك أن الأمر يتعلق بمبدأ استحقاق الضريبة في المغرب في الأصل ومن البداية، وبالتالي لا يمكن مسايرة القرار المطعون فيه، الذي بعد أن صرح بما سلف، عمد إلى القول بأن الأمر لا يتعلق بمسألة استحقاق الضريبة، التي تبقى على النقيض من ذلك هي موضوع وجوهر ما أثاره الطالبون، مما يجعل القرار المطعون فيه غير مرتكز على أساس وجاء ناقصا وسيء التعليل المنزلان منزلة انعدامه، واعتبارا لكل ما ذكر أعلاه يتعين التصريح بنقضه.
لكن حيث إن المادة الرابعة من قانون تأسيس صندوق النقد الدولي والمتعلقة بترتيبات الصرف الأجنبي تنص في القسم الأول المتعلق بالالتزامات العامة للأعضاء على ما يلي » إقرارا من الأعضاء بأن الغرض الأساسي من النظام النقدي الدولي يتمثل في توفير إطار لتيسير تبادل السلع والخدمات ورؤوس الأموال بين البلدان، والحفاظ على نمو اقتصادي سليم وأن أحد أهدافه الرئيسية يتمثل في مواصلة تطوير الأوضاع الأساسية المنظمة بغية تحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي، يلتزم كل عضو بالتعاون مع الصندوق وسائر البلدان الأعضاء لتأمين ترتيبات منظمة للصرف الأجنبي والعمل على إيجاد نظام مستقر لأسعار الصرف… » المقتضى الذي يفيد بأن مهام صندوق النقد الدولي هي تأمين إجراءات تنظم مسألة الصرف الأجنبي بغية استقرار أسعار الصرف دوليا. والمحكمة مصدرة القرار المطعون فيه ردّت الدفع بمخالفة المقرر التحكيمي للنظام العام الوطني والدولي بتعليل جاء فيه … إنه وإن كان دستور المملكة يكرس مبدأ سمو الاتفاقيات الدولية على التشريع الداخلي من حيث التطبيق، فإن ذلك ليس من شأنه أن يصبغ طابع النظام العام الدولي على القانون الداخلي الذي يندرج ضمن المبادئ المنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية وأن المادة الخامسة من اتفاقية نيويورك -2 – ب التي يعتبر المغرب من المصادقين عليها والتي تطرقت لمفهوم النظام العام باستعمال عبارة السياسة العامة فالملاحظ أنها ربطتها ببلد التنفيذ والاعتراف بالحكم التحكيمي، بمعنى أن الاتفاقية لم تتطرق المسالة النظام العام الدولي كشرط للاعتراف بمقرر تحكيمي دولي كما هو الحال بالنسبة للمقرر المعروض على محكمتنا من أجل التذييل بالصيغة التنفيذية.. بالرجوع إلى المادة الرابعة من اتفاقية تأسيس صندوق النقد الدولي التي يستند إليها المستأنفون للتمسك بكون نظام الصرف المغربي يندرج ضمن النظام العام الدولي، يتبين للمحكمة من خلال دراستها والاطلاع عليها في نص الاتفاقية، أنها تتعلق بتنظيم أسعار العملات لدى الدول المنظمة إليها حتى يبقى النظام الصرفي الدولي سليما ومنتظما ولا يشوبه أي خلل حتى لا يخلق أية أزمة صرفية دولية، وليس له أية علاقة بما قضت به محكمة التحكيم، خاصة وأن المستأنفين ضمن وسيلتهم التي تؤيد روح وظاهر المادة الرابعة أعلاه يؤكدون على أن صندوق النقد الدولي يمارس رقابة صارمة على سياسات أسعار الصرف في الدول الأعضاء تفرض على هؤلاء تزويد الصندوق بالمعلومات اللازمة لممارسة تلك الرقابة، كما أنه وارتباطا بمفهوم النظام العام الدولي الذي يفهم على أنه مجموع القواعد الأخلاقية المعترف بها عالميا في الميدان السياسي والاقتصادي والاجتماعي وغيره والتي تشكل أساس النظام الاقتصادي والسياسي والقانوني الدولي، فإنه لا يظهر أن الحكم التحكيمي قد خرق النظام العام الدولي وأنه لا مجال للتمسك بسمو الاتفاقية الدولية لتأسيس الصندوق أعلاه، اعتبارا أن موضوع النازلة التي صدر بشأنها المقرر التحكيمي لا يتعلق بأسعار العملات على المستوى الدولي، مما تبقى معه الوسيلة غير مؤسسة ويتعين عدم اعتبارها. كما أن الدورية العامة لعمليات الصرف بالمغرب وإن كانت مجموعة من القوانين الآمرة المنظمة لعمليات الصرف بين المغرب والبلدان الأخرى، فذلك لا يجعلها تؤطر في إطار النظام العام الدولي بل هي قواعد آمرة وطنية كما جاء عن صواب ضمن فقرات المقرر التحكيمي …)) ؛ وهو تعليل تضمن ردا على الدفوع المثارة بشأن مخالفة المقرر التحكيمي للنظام العام الدولي، وطبقت فيه المحكمة مقتضيات المادة الرابعة المنوه عنها أعلاه بشكل سليم، مادام أن مقتضياتها تروم تنظيم أسعار الصرف أي عملات الدول الأعضاء. علاوة على ذلك فإن الرقابة التي يمارسها الصندوق المذكور تنحصر في مراقبة أسعار الصرف في البلدان الأعضاء (الفقرة ب من القسم الثاني من المادة الرابعة أعلاه) وهو ما لا علاقة له فيما بت فيه المقرر التحكيمي الذي ليس فيه أي مساس بما يمكن للصندوق المذكور بسط رقابته عليه وهو ما نحاه القرار المطعون فيه عن صواب. كما أن تعليل المحكمة أعلاه ليس فيه ما يفيد بأنها اعتبرت أن موضوع دعوى التحكيم هو أسعار العملات وإنما اعتبرت بأن مقتضيات المادة 4 المحتج بها من قبل الطالبون تتعلق بأسعار العملات وموقفها هذا ليس فيه أي تحريف. وبذلك فهي حين اعتبرت أن قانون الصرف المعمول به في المغرب لا يدخل ضمن النظام العام الدولي تكون قد سايرت الثابت لها من واقع الملف طالما أن موضوع المقرر التحكيمي لا يتعلق بسعر الصرف أو إجراء تنظيمي لعملياته وموقفها هذا ليس فيه أي خرق للنظام العام الدولي مادام أنها اعتبرت صوابا المادة 5 من اتفاقية نيويورك 2 – ب لم تتطرق المسالة النظام العام الدولي كشرط للاعتراف بمقرر تحكيمي دولي، ومادام أن مفهوم النظام العام الدولي الذي يتعين على المحكم اعتباره هو الذي تشترك فيه الدول ويرتبط بالمصلحة العليا الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع الدولي برمته وهو الأمر المنتفي في النزاع الذي صدر بشأنه المقرر التحكيمي موضوع نازلة الحال والذي يتعلق بنزاع تجاري بين شركات ليس إلا.
وبخصوص الرسالتين الصادرتين عن مكتب الصرف والتي اعتمدهما المقرر التحكيمي وبعده القرار المطعون فيه بتعليل جاء فيه … فمحكمة التحكيم تحكم بين أطراف النزاع أساسا استنادا إلى الوثائق المدلى بها من قبلهم وأن اعتمادها على الرسالتين الصادرتين عن مكتب الصرف المغربي لا يشكل في حد ذاته أي خرق لمفهوم النظام العام الوطني، بل هي حجة كتابية قدرت قيمتها محكمة التحكيم واعتبرتها للبت بين الأطراف، وأن ادعاء الإدلاء بهما بعد صدور حكم التحكيم تكذبه الوقائع المسردة في مقرر التحكيم، حيث إن المدعى عليهم في المسطرة أكدوا على أنهم مكتفين بطريقة تسيير المسطرة وليس لديهم أي اعتراض أو تحفظ ( أنظر الصفحتين 27 و 28 من مقرر التحكيم؛ كما أنه وبالاطلاع على حكم التحكيم تبين للمحكمة أنه لا وجدود لأية إشارة تثبت أن هناك وثائق تم الإدلاء بها بعد صدور الحكم بجلسة 11 دجنبر 2018. هذا فضلا على أن الأمر المطعون فيه لم تسجل على حيثياته أي إنكار للعدالة باستناده إلى الرسالتين الصادرتين عن مكتب الصرف المغربي خاصة وأنه هيئة منظمة قانونا منحها المشرع بمقتضى الظهير الشريف الصادر بتاريخ 22 يناير 1958، سن التدابير المتعلقة بتنظيم الصرف وصلاحية مراقبة كل ما يهم عمليات الصرف وأنه بذلك يكون أكثر علما بما هو مباح وما هو غير مباح في ميدان التعامل الصرفي وليس في اعتماد رسائله أي خرق للمادة 3 من ق م م، ولا دليل على أي تحريف المضمونهما؛ ومن تمة فإنه لا مجال للقول بمخالفة وخرق الدورية العامة لعمليات الصرف والظهير الشريف المتعلق بزجر ما يرتكب من مخالفات للضابط المتعلق بالصرف. هذا فضلا على أنه ليس بالضرورة أن تكون القاعدة القانونية آمرة لتصنفها كنظام عام داخلي لبلد التنفيذ اعتبارا أن مفهوم النظام العام الوطني واعتبارا لما استقر عليه اجتهاد المحاكم الوطنية في العديد من القرارات هو مجموع المبادئ الأساسية التي تنظم الحياة العامة للأفراد من صحة واقتصاد وأمن وحياة اجتماعية وسياسية والتي يعترف بها المجتمع في وقت معين يقوم عليها النظام القانوني الذي تنتمي إليه محكمة التنفيذ والتي لا يمكن الاتفاق على مخالفتها، خاصة وأنه لا دليل على أن مجموع مقتضيات الدورية العامة لعمليات الصرف وقانون جزر المخالفات المتعلقة بعمليات الصرف من القيم الأساسية المعترف بها على الصعيد الوطني والتي تمس المصالح العليا للوطن، أما القول أن ما تم القضاء به على المستأنفين يمس بمصالحهم الشخصية فهذا ليس من شأنه أن يؤدي إلى رفض تنفيذ حكم تحكيمي دولي ولا دليل على أن المصلحة العليا للبلد قد تمس مادام أن جميع الالتزامات المالية اتجاه الدولة ستؤدى، ولا يمكن لأجهزة الصرف من خلال مكتب الصرف ولا العاملين في الميدان الزجري أن يتوانوا عن تطبيق القواعد الآمرة اتجاه أي مخالف وأن القائم على تنظيم التعامل الصرفي لما منح موافقته فإنه أدرى بالمصالح العليا للبلد من خلال المؤسسة التي يسير ويعمل على تطبيق دورياتها ولا يمكن أن نعتبر المحكمة سواء التحكيمية أو قاضي التذييل بالصيغة التنفيذية خارقين لأي مقتضى من مقتضيات النظام العام الوطني)). التعليل الذي يتجلى منه أن المحكمة اعتبرت صوابا أن اعتماد الهيئة التحكيمية على الرسالتين الصادرتين عن مكتب الصرف لا يشكل خرقا للنظام العام المغربي، مادام أن ذلك يدخل ضمن صلاحياتها في تقدير الحجج المعروضة عليها وإعمالها. كما أنه تعليل يساير واقع الملف ذلك أنه بالرجوع إلى المقرر التحكيمي كما كان معروضا على قضاة الموضوع، يلفى أنه لا يتضمن ما يفيد أنه تم الإدلاء بأي مذكرة أو وثيقة بعد قفل باب المناقشة وهو ما ذهبت إليه المحكمة عن صواب والذي زكته بما ثبت لها من أن الطالبين أكدوا أثناء سير مسطرة التحكيم بأنهم » مكتفين بطريقة تسيير المسطرة وليس لديهم أي اعتراض او تفظ » وهذا الشق من التعليل كاف وحده لإقامة القرار بهذا الشأن، وأن ما ورد به بخصوص تاريخ صدور المقرر التحكيمي لا تأثير له على سلامة ما ذهب إليه. علاوة على ذلك، فإن الرسالتين المعتمد عليهما واللتان استخلصت منهما المحكمة أن مكتب الصرف أبدى عدم ممانعته في تنفيذ المقرر التحكيمي، هما صادرتين تواليا بتاريخ 2018/9/20 و 2018/12/10 وهو تاريخ لاحق عن تاريخ الرسالة المؤرخة في 2018/2/28 مما لم تكن معه المحكمة ملزمة بالأخذ بمضمونها أو اعتباره، وهي حين اعتمدت الرسالتين المذكورتين تكون قد قدرت بما لها من سلطة، وسيلة إثبات مقبولة قانونا صادرة عن جهة خولها القانون صلاحية مراقبة حركة الصرف بالمغرب ومدى احترام النظم ذات الصلة. وبالتالي فإن ما ذهبت إليه المحكمة ليس فيه أي خرق لمقتضيات الدورية العامة لعمليات الصرف ولا أي تنازل عن اختصاصها في مراقبة خرق المقرر التحكيمي للنظام العام.
وبخصوص ما أثير بشأن مساس المقرر التحكيمي بالقانون الضريبي الوطني فقد ردته المحكمة بتعليل جاء فيه … بالنسبة للوسيلة المؤسسة على خرق النظام العام الوطني من حيث أن الهيئة التحكيمية بتت في نقطة غير قابلة للتحكيم من صميم السيادة الوطنية للدول، وهي أداء الضريبة وعدم التزام المستأنفين بها أصلا، فإن الحكم التحكيمي وضمن فقراته 203 إلى 210 أكد أن الطرفين اتفقا على أن يكون ثمن البيع غير مشمول بأية ضريبة، بمعنى آخر أن المستأنف عليها لا تتحمل أية ضريبة وأنه وإن حدث أن فرضت الضريبة على ثمن البيع فالمدعى عليهم سيؤدون مبالغ إضافية حتى تتمكن المستأنفة من التوصل بالمبلغ المتفق عليه الأمر الذي يستشف منه أن الحكم التحكيمي لم يتطرق لأي مقتضى يهم فرض الضريبة أو بت فيمن الملزم بها، بل فعل اتفاق تعاقدي بشأن تحمل الضريبة وهو أمر جائز في العديد من المعاملات التجارية مما يظل معه التمسك بخرق القانون الضريبي غير محقق …))، التعليل الذي يتضح منه أن المحكمة حين ثبت لها من تضمينات المقرر التحكيمي، أن الطرفين اتفقا على أن ثمن البيع يكون صافيا غير مشمول بأية ضريبة واستخلصت من ذلك بأن المطلوبة لا تتحمل أي ضريبة وإن حدث فالطالبون ملزمون بأداء مبالغ إضافية إلى حين استفاء المطلوبة مبلغ البيع المتفق عليه صافيا، تكون قد أعملت صحيح الفصل 230 من ق ل ع، مادام ثبت لها أن هيئة التحكيم فعلت مقتضيات تعاقدية بشأن الطرف الذي يتحمل الضريبة، وموقفها هذا ليس فيه أي مساس بالقانون الضريبي الوطني، مادام أنه لم يبت في نزاع ضريبي بقدر ما تم تفعيل اتفاق ليس في القانون ما يمنعه. وبذلك جاء القرار المطعون فيه مبنيا على أساس قانوني سليم ومعلل كفاية وبشكل سليم وليس في أي خرق للمقتضيات المحتج بخرقها والوسيلتان على غير أساس.
في شأن الوسيلة الرابعة:
حيث يعيب الطالبون القرار بانعدام التعليل المتخذ من عدم الاستجابة لرفض طلب التذييل بالصيغة التنفيذية المؤسس على خرق الفقرتين رقم 3 و 4 من الفصل 327/49 من قانون المسطرة المدنية، بدعوى أنهم أثاروا سببا إضافيا يبرّر رفض الاعتراف بالحكم التحكيمي وتذييله بالصيغة التنفيذية وهو السبب المنصوص عليه ضمن الفقرة رقم 3 من الفصل 327/49 من قانون المسطرة المدنية المتعلق ببت الهيئة التحكيمية دون التقيد بالمهمة المسندة إليها؛ إذ أنه في معرض تعليلها » (الصفحة (59) اعتبرت محكمة الاستئناف التجارية أن ذلك السبب غير مرتبط بأي خرق للنظام العام؛ والحال أن الطالبين لم يقولوا أبدا أن هذا السبب يدخل ضمن النظام العام أصلا، بقدر ما يتعلق بسبب مستقل منصوص عليه ضمن الفصل 327/49 المذكور إلى جانب السبب المتخذ من مخالفة النظام العام؛ ذلك أنه بالرجوع إلى تعليل القرار المطعون فيه في هذا الصدد يتبين أنه لم يتطرق لما أثير ضمن هذا السبب الصفحات 23 و 24 و 25 و 26 من مذكرة 20 فبراير 2019)، بل خلطه مع سبب آخر متعلق بخرق حقوق الدفاع، خاصة مبدأ المساواة، وهو سبب مستقل وإضافي آخر منصوص عليه ضمن الفصل 327/49 من ق م م أثاره الطالبون ضمن مذكرتهم المدلى بها خلال جلسة 20 فبراير 2019؛ مما يجعله متسما بانعدام التعليل في شأن السبب المثار بصفة نظامية من خلال المذكرة المذكورة (الصفحة 27 و 28 منها والمتخذ من خرق حقوق الدفاع المجسدة في مبدأ المساواة بين الأطراف (الفقرة رقم 4 من الفصل 327/49 من قانون المسطرة المدنية)؛ فهذا السبب كاف لوحده للقول بنقض القرار المطعون فيه بعلة انعدام التعليل طبقا للفصلين 345 و 359 من قانون المسطرة المدنية.
لكن حيث إن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه عللته بما يلي … بالنسبة للسبب المؤسس على عدم تقيد الهيئة التحكيمية بالمهمة المسندة إليها وكون الأطراف لم يمنحوا للمحكمين سلطة البت في النزاع كوسطاء بالتراضي، بل بالبت وفق القانون فقط وعدم قانونية وتغيير العقد المبرم في 6 ماي 2016 …. وفضلا على أن الوسيلة ظلت مبهمة خاصة إذا ما علمنا أنها أسست على عدم احترام التراتبية في تناول طلبات المدعية أمام هيئة التحكيم، والحال أن عنوان الوسيلة يجعلنا نفكر في كون الهيئة التحكيمية بنت خارج إطار ما سمح به اتفاق التحكيم، فإن ما تمسك به المستأنفون غير مرتبطة بأي خرق للنظام العام، مما يتعين عدم اعتبارها. كما أن إثارة عدم قانونية وتغيير العقد المبرم في 6 ماي 2016 فتظل نقطة نزاعية لم تثر أمام الهيئة التحكيمية، مما لا يجب إثارتها أمام قاضي التذييل وحتى على فرض أثيرت فإنها لا تشكل مخالفة لأسس النظام العام ولا تشكل خروجا عن المهمة المسندة لهيئة التحكيم لأنها تدخل في إطار تفسير العقد الذي يدخل في نطاق المهمة لا خارجها. كما أن إثارة أن الهيئة التحكيمية بتت بصفتها وسيطا بالتراضي، فإنه بالرجوع إلى المقرر التحكيمي تبين للمحكمة أن القانون الذي طبق على النازلة هو القانون الفرنسي حسب اتفاق الأطراف (أنظر الصفحة 14 من ذات المقرر وأن العقد المحدد لمهمة، قد تم توقيعه من قبل الطرفين والهيئة التحكيمية بتاريخ 24 يوليوز 2017 (أنظر الصفحة 18 و 19 من المقرر التحكيمي)، فضلا على أنه بالرجوع إلى الصفحة 58 من المقرر التحكيمي الفقرتين 127/126 وكذا إلى اتفاق التحكيم، فإن الطرفين اتفقا على أن حل النزاع سيكون على مرحلتين الأولى وهي مرحلة الوساطة بحسن نية، وفي حالة عدم حل النزاع داخل أجل 30 يوما ابتداء من أول استدعاء سيتم إخضاع النزاع إلى التحكيم، إضافة إلى أن الجزء المتعلق بالمسطرة ضمن الحكم الحكيمي أشار في آخر صفحاته (27-28) أن الطرفين كانا جد راضين بطريقة تسيير الإجراءات المسطرية من قبل الهيئة التحكيمية وأنه ليس لهم أي اعتراض أو تحفظ، مما تبقى معه الوسائل أعلاه وكذا الوسيلة المؤسسة على عدم احترام مبدأ المساواة بين الطرفين تفتقر إلى الجدية ويتعين عدم الأخذ بما جاء بها)). التعليل الذي ناقشت من خلاله المحكمة الدفع المؤسس على بت الهيئة التحكيمية دون التقيد بالمهمة المسندة إليها وكذا ما أثير بشأن عدم المساواة، والنعي بعدم الجواب بهذا الخصوص خلاف الواقع. علاوة على ذلك فالمحكمة اعتبرت في تعليلها أعلاه أن العقد المحدد لمهمة هيئة التحكيم، قد تم توقيعه من طرفها وكذا من قبل الطرفين بتاريخ 24 يوليوز 2017 ، كما ثبت لها من المقرر التحكيمي بأن الطرفين كانا جد راضين عن طريقة تسيير الإجراءات المسطرية من قبل الهيئة التحكيمية وأنه ليس لهم أي اعتراض أو تحفظ والطالبة لم تنتقد هذا الشق من التعليل والوسيلة غير مقبولة.
لهذه الأسباب
قضت محكمة النقض برفض الطلب وتحميل الطالبين المصاريف.
وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات الاعتيادية بمحكمة النقض بالرباط وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السيد محمد القادري رئيسا، والمستشارين السادة: محمد رمزي مقررا و محمد الصغير و هشام العبودي و محمد كرام أعضاء ، وبمحضر المحامي العام السيد رشيد بناني، وبمساعدة كاتب الضبط السيد نبيل القبلي.
38135
Constitution du tribunal arbitral : l’ordonnance statuant sur une demande de désignation d’arbitre n’est susceptible d’aucune voie de recours (CA. com. Marrakech 2025)
Cour d'appel de commerce
Marrakech
13/05/2025
هيئة تحكيمية, عدم قبول الطلب, عدم قبول الاستئناف, طلب تعيين محكم, صعوبات تشكيل الهيئة التحكيمية, حكم غير قابل للطعن, تحكيم ووساطة اتفاقية, Ordonnance du président du tribunal de commerce, Irrecevabilité de la demande de désignation, Irrecevabilité de l'appel, Difficulté de constitution du tribunal arbitral, Désignation judiciaire d'un arbitre, Constitution du tribunal arbitral, Clause compromissoire, Caractère non susceptible de recours de l'ordonnance, Arbitrage
38131
Irrégularités de la procédure arbitrale : un moyen inopérant dans le cadre du recours en rétractation (CA. com. Marrakech 2025)
Cour d'appel de commerce
Marrakech
27/05/2025
طعن بإعادة النظر, Cas d'ouverture limitatifs, Contrôle du juge sur la sentence, Dépassement des limites de la mission arbitrale, Recours en rétractation, Rejet du recours, Rétractation, Arbitrage commercial, Sentence arbitrale, بت في أكثر مما طلب, تحكيم تجاري, حالات إعادة النظر على سبيل الحصر, حدود الطلبات, حكم تحكيمي, رفض الطعن, Ultra petita, Adéquation de la sentence aux demandes
38107
Contestation des honoraires d’arbitrage : La clause de l’acte de mission désignant le lieu de dépôt de la sentence vaut clause attributive de juridiction (Trib. com. Rabat 2025)
Tribunal de commerce
Rabat
05/05/2025
وثيقة تحكيم, Compétence territoriale, Convergence de la volonté des parties et de la loi, Déclinatoire de compétence, Dépôt de la sentence, Exception d'incompétence, Honoraires des arbitres, Loi des parties, Recours en annulation, Sentence arbitrale partielle, Siège de l'arbitrage, Arbitrage, أمر جزئي, اتفاق تحكيم, اختصاص مكاني, تحديد أتعاب المحكمين, تحكيم, طعن في مقرر تحكيمي, عدم اختصاص محلي, محكمة مختصة, مقر تحكيم, هيئة تحكيم, إيداع حكم تحكيمي, Acte de mission
38100
Contestation des frais et honoraires d’arbitrage : le président du tribunal se déclare incompétent sur les frais et réduit les honoraires jugés disproportionnés (Trib. com. Rabat 2025)
Tribunal de commerce
Rabat
07/04/2025
مجهود مبذول من المحكم, Autorité de la chose jugée de la sentence au fond, Contestation des honoraires, Contrôle de la proportionnalité des honoraires, Distinction entre honoraires et frais d'arbitrage, Honoraires de l'arbitre, Impossibilité de contester la validité de la convention d'arbitrage, Incompétence sur les frais d'arbitrage, Pouvoir d'appréciation du juge, Recours contre la décision fixant les honoraires, Autonomie de la décision sur les honoraires, Réduction des honoraires par le juge, تمييز بين نفقات التحكيم وأتعاب المحكمين, تناسب الأتعاب مع العمل المنجز, حجية الحكم التحكيمي, رقابة المحكمة على أتعاب المحكم, سلطة تقديرية لرئيس المحكمة, طعن في أمر تحديد أتعاب التحكيم, عدم الاختصاص للبت في النفقات, غياب اتفاق التحكيم, قرار مستقل بتحديد الأتعاب, تحديد اتعاب التحكيم, Arbitrage
38033
Recours judiciaire et clause compromissoire : irrecevabilité de l’action en l’absence de saisine préalable de l’instance arbitrale (CA. soc. Tanger 2020)
Cour d'appel
Tanger
20/10/2020
نشر الدعوى من جديد, Clause compromissoire en matière sociale, Compétence juridictionnelle, Défaut de saisine de l’instance arbitrale, Exception d'arbitrage, Incompétence judiciaire en raison d'une convention d'arbitrage, Nullité des actes de procédure, Recevabilité du recours, Requalification en degré d’appel, Validité de la clause d'arbitrage dans le contrat de travail, إلغاء الحكم الابتدائي, Arbitrage préalable obligatoire, اتفاقات الأطراف, التعويضات المستحقة, الطرد التعسفي, خرق مقتضيات قانونية, شرط التحكيم, طعن في إجراءات التبليغ, عدم قبول الدعوى, عقد شريعة المتعاقدين, مسطرة التحكيم, نزاعات عقد الشغل, الاختصاص القضائي, Annulation du jugement
38028
Convention d’arbitrage et acte de mission : le défaut de signature de l’acte de mission est sans incidence sur la validité de la sentence arbitrale (CA. soc. Casablanca 2021)
Cour d'appel
Casablanca
18/10/2021
غياب اتفاق التحكيم, عقد شغل, طعن بالبطلان, شرط تحكيمي, حكم تحكيمي, تنفيذ الحكم التحكيمي, اتفاق التحكيم, Recours en annulation de sentence arbitrale, Force obligatoire de la clause compromissoire, Exequatur, Distinction entre convention d’arbitrage et acte de mission, Défaut de signature de l’acte de mission, Convention d'arbitrage, Contrat de travail, Clause compromissoire, Acte de mission
38025
Clause compromissoire stipulée au contrat de travail : Le non-respect du préalable arbitral constitue une fin de non-recevoir à l’action directe du salarié (CA. soc. Casablanca 2023)
Cour d'appel
Casablanca
20/09/2023
نزاعات الشغل, مسطرة التحكيم, لجوء مباشر للمحكمة, فصل من العمل, عقد عمل, عدم قبول الطلب, شرط تحكيمي, أطر عليا, Saisine directe du juge social, Recours préalable à l'arbitrage, obligation contractuelle, Irrecevabilité de l'action, Fin de non-recevoir, Contrat de travail, Clause compromissoire, Cadre supérieur
38019
Sentence arbitrale et saisie conservatoire : Le maintien d’une garantie financière se justifie par l’existence d’une sentence arbitrale étrangère dont l’opposabilité relève de la compétence exclusive du juge de l’exequatur (Trib. com. Casablanca 2022)
Tribunal de commerce
Casablanca
20/07/2022
مقرر تحكيمي, Créance maritime, Demande prématurée, Exequatur, Garantie financière, Mainlevée de la garantie, Maintien de la sûreté, Obligation d'introduire une action au fond, Saisie conservatoire de navire, Sentence arbitrale étrangère, Compétence du juge des référés, Vente judiciaire du navire, اختصاص قاضي المستعجلات, بيع قضائي للسفينة, حجز تحفظي على سفينة, حق التتبع, دعوى الموضوع داخل الأجل, رفع الحجز, طلب سابق لأوانه, كفالة مالية, اختصاص قاضي التذييل, compétence du juge de l'exequatur
38014
Désignation d’arbitre dans un partenariat public-privé : incompétence du juge commercial au profit du juge administratif conventionnellement désigné (Trib. com. Casablanca 2024)
Tribunal de commerce
Casablanca
16/08/2024
عقد شراكة بين القطاعين العمومي والخصوصي, Désignation d'arbitre, Incompétence d'attribution, Partenariat public-privé, Président du tribunal administratif, Président du tribunal de commerce, Volonté des parties, Compétence pour la désignation de l'arbitre, إرادة الأطراف, اختصاص رئيس المحكمة الإدارية, اختصاص رئيس المحكمة التجارية, تحكيم, تعيين محكم, شرط التحكيم, عدم الاختصاص النوعي, اتفاق تحكيم, Clause de désignation de l’autorité de nomination